بقلم : ندى يحيى
من بين رؤوس كل العابرين كان رأس أحدهم يسكنه شيء ما، شخص آخر بملامح تختلف تمامًا عن تلك الملامح التي أمامي، هذه العيون الحادة والغضب الساكن في كل تجاعيد وجهه، تلك التجاعيد التي خرجت لتعبر عن سكون غيرها بالداخل عن شخص ما يحبس أنفاسه، وطفولته، وحبه الأول في سجن أبدي ركمه الزمن،والمسؤوليات، وحُطام الذكريات، وفقدان الأمل الأخير.
ربما حب بلا أمل غيّر ملامح الحياة في قلب هذا العجوز، وقتل طفولته التي طالما كانت الحيلة الأولى؛ لإيقاع قلب أنثى تُحب بأن تمتلك نسخة من رجل لا يُظهر إلا قوته مع العالم،ويمنحها ضعفه وطفولته كهدية بين يديها تُشكلها كما تشاء لتجعله خاتم في إصبعها، وطفلها وحبيبها المُدلل.
ففي كل مرة أنظر فيها في عينيه، يتسلل من بينها نظرة الطفل الحبيس داخل تلك الأسوار، لم تكن المرة الأولى التي يحاول فيها طلب النجدة من شخص يفهم جيدًا، معنى أن تفقد حبك الأول وتفقد بعده حتى رغبتك في البدء من جديد لتكون حيلتك الأولى، هي إقامة الحد على طفلك الداخلي،والحكم عليه بالسجن مدى الحياة بين أسوار الذكرى.