الشيماء أحمد عبد اللاه
كان النهر يعزف موسيقى لا تسمعها الأذن، بل تشعر بها الأرواح التائهة. هناك، على الحافة بين الواقع والحلم، تتجسد لحظة لا تعرف الزمن، حيث تقف الكائنات النقية لتبحث عن معاني وجودها.
لم يكن المشهد مجرد صورة تُلتقط، بل بوابة سرية إلى عالم لا تدركه إلا القلوب التي أرهقتها الأرض، فتطلعت للسماء.
في هذا الفضاء، تسقط الحواجز بين الممكن والمستحيل.
أجنحة الشفافية ليست للزينة، بل هي الامتداد الحي للروح التي رفضت قيود الجسد.
إنها دعوة للتحليق فوق كل ما يثقلنا، فوق الأحكام، الخوف، والحدود التي فرضناها على أنفسنا، تلك الأجنحة ليست سوى حلم يتحقق، وهمسة تقول لنا: “لقد وُلدت لتطير، لماذا تخشى السقوط؟”
أما النهر، فهو انعكاس لرحلتنا الداخلية، يجري بصمت، يحمل كل ما نلقيه فيه من أوجاع وأحلام لم تتحقق، لكنه لا يحتفظ بشيء؛ فهو يعلم أن السر في الحركة المستمرة، في قبول التغير دون مقاومة.
إن النهر لا يسأل عن وجهته، فلماذا نثقل أنفسنا بالسؤال عن مصيرنا؟
وهناك، في قلب المشهد، يتجلى درس خفي: النور لا ينتظر أن يظهر في السماء، بل ينبع من الداخل، من ذلك الجزء العميق فينا الذي لا ينطفئ مهما غطاه الظلام، العالم من حولنا قد يكون مرآة، لكن الحقيقة الوحيدة تكمن في ما نراه حين نغلق أعيننا ونترك أرواحنا تتحدث.
هذا ليس مجرد حلم أو صورة خيالية، بل رسالة من الكون: أنت لست ما يقوله عنك الآخرون، ولست حتى جسدك أو أفعالك، أنت شيء أعمق، شيء يتوق للحرية.
افتح جناحيك، حتى لو كنت لا تراها، وثق أن التحليق دائماً يبدأ بخطوة صغيرة نحو الحافة.