الشيماء أحمد عبد اللاه
في مدينة صغيرة محاطة بالجبال، عاش فتى يُدعى ياسر، كان ياسر نحيفًا، ذا شعر أشعث وعينين كبيرتين ممتلئتين بالبراءة، لكنه كان مختلفًا عن بقية أقرانه.
لم يكن جسده قويًّا كباقي الأطفال، وكان يمشي بطريقة غير متزنة، مما جعله هدفًا للتنمر.
في المدرسة، كان زملاؤه يطلقون عليه ألقابًا مؤذية مثل “الطائر المكسور” و”الرجل الآلي”. كانوا يسخرون من خطواته البطيئة ومن طريقته في حمل حقيبته الثقيلة على ظهره، كان ياسر يبتسم أحيانًا، لكنه في الداخل كان يشعر بثقل كبير يشبه جبلًا فوق صدره.
ذات يوم، وبعد أن انتهت المدرسة، اختبأ ياسر في مكتبة قديمة بجانب منزله.
كانت المكتبة مليئة بالكتب القديمة، وداخلها اكتشف كتابًا بعنوان “أجنحة النور”.
كان الكتاب يتحدث عن طائر صغير في غابة مليئة بالنسور، وكيف استطاع أن يطير عاليًا رغم صغر حجمه وضعف جناحيه.
قرأ ياسر الكتاب بشغف، وتعلق بجملة كتبها المؤلف:
“الأجنحة ليست التي تحملك إلى السماء، بل الشجاعة التي تنبع من قلبك.”
تغيرت نظرة ياسر للحياة، بدأ في تحدي نفسه، ليس لإرضاء الآخرين، بل لإثبات أنه قوي بطريقته الخاصة.
كان يقضي الساعات في المكتبة يقرأ عن شخصيات عظيمة واجهت الصعاب، وعن أناس تغلبوا على التنمر بالقوة والحكمة.
في المدرسة، لاحظ المعلمون تغييرًا في ياسر.
بدأ يشارك في الأنشطة، وأظهر موهبة استثنائية في الرسم، رسم لوحات مليئة بالألوان، تصور طيورًا تحلق بحرية فوق الغيوم.
كانت لوحاته تروي قصصًا عن الأحلام والحرية، لكن التنمر لم يتوقف.
في إحدى المرات، مزق أحد الأطفال دفتر رسوماته أمام الجميع، وقال:
“لن تصبح فنانًا أبدًا، توقف عن الحلم!”
شعر ياسر بالحزن، لكنه لم يستسلم، في تلك الليلة، جلس تحت السماء المليئة بالنجوم، وقال لنفسه:
“الطائر الصغير لا يحتاج لإذن النسر ليطير.”
بدأ ياسر يرسم لوحة ضخمة على جدار منزله، كانت اللوحة تصور طائرًا صغيرًا بجناحين مكسورين، لكنه يحلق عاليًا فوق جبل شاهق.
عندما رآها أهل الحي، أعجبوا بجمالها، وبدأوا يتحدثون عن موهبة ياسر.
بعد ذلك، قررت مدرسته تنظيم معرض فني لعرض أعمال الطلاب، عرض ياسر لوحته الكبيرة، وكتب بجانبها:
“العيوب ليست ضعفًا، بل جناحًا خفيًا يمنحك القوة.”
ذهل الجميع، بمن فيهم الأطفال الذين كانوا يسخرون منه.
اقترب أحدهم، وقال بخجل:
“لم أكن أعلم أنك موهوب هكذا أنا آسف.”
ابتسم ياسر وقال:
“لكل طائر طريقته في الطيران، ربما لم تر جناحي من قبل، لكنهما كانا هنا دائمًا.”
مع مرور الوقت، أصبح ياسر فنانًا مشهورًا.
كانت لوحاته تحمل رسائل أمل وشجاعة، وتُذكّر الجميع بأن القوة الحقيقية تكمن في الداخل.
وفي كل مرة يسأله أحد عن مصدر إلهامه، كان يقول بابتسامة:
“كل جرح تركه التنمر كان ريشة أضفتها إلى جناحي.”