ابداعات

..قارب النجاة

بقلم/ انتصار عمار

 

ربما الطريق، ربما الأحداث، وربما القدر الذي ساقك إليّ، وجمعنا بطريقٍ واحد.

 

 

كنت بحاجة إلى اليد الحانية التي تربت على لهيب أوجاعي، فتخمد فوهة نيرانها، وتحتضن دموع قلبي، فتزيل آثار ندباته.

 

 

سرت معك بخطى متعبة، مثقلة، منهكة من آثار درب مرير من العذاب لاقيته قبلك.

 

 

يوم أن قابلتك، كان أشبه بيوم العيد، ارتدى عمري فيه رداء الفرح، وكست ملامح وجهي السعادة.

 

 

وتوارت الآلام، واختبأت خلف تنهيدات الزمن، استنشقت عبير حلو الأيام معك، وقرأت في عينيك عنوان الحياة، وتركت نفسي للأقدار، واستسلمت لحكمها.

 

 

وبدأت أفتح نافذة الحياة، وتركت قلبي يبحر في بحر هواك، وتركت روحي تتنفس صعداء السعادة.

 

 

فجلست بحافة الشمس، ألهو وسنا ضوئها، أراقصها، أداعبها، أكتب على جبينها “ها قد أتى عيدي،” وأرسم على خديها بهجة العمر، وأطبع على شفتيها قبلة الحياة.

 

 

ما كنت لأتنفس إلا عبير هواك، وجدت في صوتك الدفء الذي يُنسيني برودة الشتاء القارس، وفي كلماتك بيتًا لأوتار قلبي.

 

 

وداخلك قلاع القوة التي تحيط بخصر مخاوفي، فلم أبال بتقلبات الزمن وأنا في ربوعك.

 

 

ولا خشيت تغيرات فصول المسرحية التي قدرًا علينا تجسيد أدوارها في تلك الحياة، فأنت الملقن الذي يُلقني ماذا أقول!

 

 

فما خشيت أن أخطئ وأنت بجواري، فكنت ملهمي، ومنقذي.

 

 

أطلقت سراح مشاعري، وأخضعت هواي لصولجان قلبك، وتركتها تعبر معك من وادي إلى وادي.

 

 

حتى استقرت، واستوطنت بأعماق فؤادك، حينها شعرت وكأنما ارتديتك لباس حياة، لا أخلعه عني مطلقًا.

 

 

سرت معك مسلوبة الإرادة، مغمضة العينين، فلقد كنت أنت عيني التي أُبصر بها كل شيء، وركبت معك قارب النجاة.

 

 

وظننت أني سأهجر ضوضاء الأسى، وصخب أصوات وجع الحياة، وأغترب عبر قاربك، وأسكن عالمًا آخر، تدب فيه الحياة.

 

 

وتقف على محيط شطه عصافير الهوى، تدندن لحن الأمل كل صباح، وإذ بالقارب مثقوب من كل اتجاه.

 

 

وتحيطه أيادي المكر، والخديعة، 

وكأنك تخبرني؛ هيا لقد انتهى دورك بالمسرحية، وأسدل الستار ، وها هو مصيرك “الغرق”.

 

 

لأنك انقدت وراء سراب، وأغمضت عينيك عن الحقيقة، وسكنت أبراج الخيال، وظننت أني الفارس المسافر عبر أساطير الزمن.

 

 

والذي يمتطي جواد قلبه، ويحلق في سمائك، لكي يطرق باب قلبك.

 

 

لا أصدق، أكاد أجن! أو هذا يكون جزاء حبي، ثقتي بك؟

هل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟

 ظننتك الملاذ لقلبي، وقارب النجاة، وإذ بك الغادر، الهادم للحياة.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!