بقلم: شيماء_حسانين “رحيل”
السلام عليك يا نبض الفؤاد، السلام عليكَ ما دام قلبي قد ارتوى بُحبكَ، أتعلم إنها المرة الأولى التي تتبعثر أحرفي، ولا أقوى على الحديث.
ربما أيضًا المرة الأولى التي سأرسرد لكَ أمرًا مُبهجًا، لأن جميع رسائلي لكَ توحي بالحزن والألم.
اليوم سأسرد لكَ “رحلة إلى مكة”
ليست مجرد رحلة عادية، بل رحلة روحانية، أعادت للروح طاقتها، وحُريتها.
أعادتها خفيفة كالورق في مهب الريح، جعلتها تبدو أكثر حيويةً ونشاطًا، كأن روحي ولِدت من جديد.
دائمًا نصبح بخير حين نقف على أعتاب الله _سبحانه وتعالى_ كأننا نُلقى بكل الثقل الذي عِشنا لسنوات نحمله على أكتافنا.
كأن الحياة في مكة مليئة بالراحة والسكون، أعادت قلبي نقيًا كما كان.
حين وطأت قدماي أرضها، شعرتُ أنني عُزلت عن العالم، تركتُ هاتفي، لا بل تركتُ العالم أجمع خلفي، ووقفتُ أمام الكعبة المشرفة لا أدري هل هذا حُلم أم أنها الحقيقة المشرقة؟!
الحقيقة التي ستجعلني أعود كما كُنت سابقًا، وقفت أبكي، لا أعلم هل هذه دموع التوبة أم دموع الفرحة بأنني هنا؟!
كأن العالم قد توقف لحظتها عن الحركة، وجدتني أهرول وأتعلق بستائرها كالطفل التائه الذي وجد أمه بعد طول غياب، شعرتُ بروحي تُرد إليَّ مرةً أخرى.
حين توضأت من زمزم، شعرتُ بأني أغتسلُ من الدنيا، كأنني أتجرد من كل شيء حتى هويتي.
كأنني تائه في رحاب الله وملكوته، الحياة هنا جنة، والهواء نقي، ورائحة الزائرين تُسعد القلب، ودموع التائبين تجعلك تذوب كالثلج.
من منا لا يعود حرًا بعدما تحرر من كل العالم، وترك كل أوجاعه وآلامه تتساقط معه مع أول سجدة في الحرم.
ظللتُ هناك طوال اليوم، بين صلاة ودعاء، حقًا يا سعد قلبي وأنا زائرة لبيت الله، ويا فرحة عمري وأنا هنا بين أحبابه مدعوة بعد طول هَجري وانتظاري.
لا أعلم كيف آلت بي الحياة إلى هنا؟!
ولكن الله قد دعاني، وما وجدتني إلا أجبتُ دعوته!
أتعلم يا نبض أنا لا أكتبُ إليكَ كثيرًا، ولكنني أحببتُ أن أسرد لكَ عن شعوري، وعن رحلتي الغير متوقعة.
أتمنى أن أجلس هناك طوال عمري، أنا لا أعود إلى عالم دنسته الحروب وأهلكته الدنيا، تمنيتُ أن أظل هناك إلى أن أذهب لمثواي الأخير.
أعلم يا نبض أنها مجرد رحلة، ولكنها رحلة تُعيد الروح، وتجبر القلب.
أتمنى أن نذهب يومًا معًا، أن نترافق في حرم المسجد الحرام، أن نجلس بقرب الكعبة، وأن نرتوي من زمزم، أن تُحلق أرواحنا، وتعود وهي بخير.