منة اللّٰه سعد عتمان
حينما يلامس الظلام قلب الإنسان، يتساءل عن جدوى الضوء، يتساقط منه الأمل كوريقات شجر الخريف الجاف، وكأن جوفه قد تحول إلى صحراء يكسوها رمال اليأس.
في الآونة الأخيرة، قد أقدم الكثيرون على إنهاء حياتهم بالانتحار، أظن أنني أشعر بهم جيدًا؛ فقد يمر المرء منا في بعض الأحيان بمواقف وأحداث يتمنى لو أنها الأخيرة؛ فتتحجر الروح ولكنها لا تغادر، وكأن المعاناة تكمن في وجودها، تتسابق الأحزان في مضمار الوجع، والوصول يكون للأكثر سئمًا.
“أنا على حافة الانتحار”، كلمة تُقال في لحظة تردد بين الحياة والموت، ولكن صداها وحده يُميت بلا أي وسيلة للفناء، وكأن الجسد يتداعى بالسقم لكل أعضائه؛ فتتوارى مشاعر الإيمان خلف ستار القنوط، ويذهب العقل بلا رجعة، ربما قد يُصاب بالجنون في تلك اللحظة؛ فيتحول تهديده إلى واقع لن يصدم إلاه.
يبتلينا الله لنعلم أننا لا نملك من أنفسنا شيئًا؛ لنعاود أدراجنا ونستقيم في الرحلة التي ستنتهي عاجلًا أم آجلًا؛ فلا تُنهيها على كفرٍ؛ قل إن الأمر كله لله،
في غمرة تلك اللحظة قد تنسى أن وراء كل ليلٍ حالك فجرًا يتلصص بين طياته الضوء، كل منا يستحق أن يعيش، أن يحاول مرة أخرى كلما حل ظلام اليأس، أن يستسلم لأقدارٍ لا يعلمها إلا الله، ويؤمن بأحكامه التي نجهلها لمحدودية نظرتنا.
لا تدعوا الخوف يلتهم أرواحكم النقية، لا تكتبوا نهاية قصة لم يأذن الله بأن تنتهي بعد، تسلحوا بأسلحة الرضا، الصبر، الدعاء، واليقين، ولا تكونوا من الخاسرين. وقال تعالى: “وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا.”