ابداعات

حبٌّ مُحرَّم

بقلم : ندى يحيى

في تلك اللحظة، شعرتُ بالعطف عليه، كنت أدرك تمامًا ما يعنيه أن تحب ما لا تملكه، أن تتعلق بما لا يجوز لك، وأن تعيش بنصف روح، نصف يحاول أن يسلك الطريق المألوف: طريق الزواج والحب الشرعي مع من ظننت يومًا أن الحب معهم هو الحقيقة الوحيدة، والنصف الآخر… متمرّد، متعطّش، لا يزال يبحث عن بداية جديدة، عن حب يولد من رماد الخيبة، عن نبض مختلف يُشعرك وكأنك لم تختر أحدًا من قبل، وكأنك لم تُحب أبدًا.

أعلم أن الجميع سيصنّف ذلك خيانة، وسيُطلقون الأحكام دون أن يفهموا أن القلوب لا تسير وفق ما نريد، وأننا لم نُخلق وفي يدنا مفاتيح التحكم بمشاعرنا. قلوبنا تسير في دروبها الخاصة، تشتهي المستحيل، وتنجذب لما لا يجب، وتجرّنا – رغمًا عنّا – إلى عوالم نعلم تمامًا أنها مُحرّمة،
لكنها الوحيدة التي تمنحنا شعور الحياة.

أحيانًا، لا يكون الحب اختيارًا، بل اختبارًا. وأقسى الاختبارات تلك التي تعلم نتيجتها مسبقًا، لكنك تعيش تفاصيلها كأنك تجهل النهاية. فالقلب لا يعترف بالممنوع، ولا بالمنطق، بل ينجرف إلى حيث يرى اكتماله، حتى وإن كان في طريقٍ مسدود، حتى وإن عُلِّقت عند أول خطوة فيه لافتة: “خائن… لا يستحق الحب”.

أفهم تمامًا معنى أن ترغب بالاكتفاء بأحدهم، أن تحارب بكل ما أوتيت من قوة كي لا تنزلق نحو الخطيئة، أن تغلق أبواب الاحتمالات، وتكمم فم الرغبة، وتحاول أن تُقنع نفسك أن ما لديك يكفي. لكن الحياة أحيانًا تمارس خبثها الجميل، وتمنحك ما ظننته مستحيلاً… تضعه أمامك، قريبًا لدرجة مؤلمة، حقيقيًا بما يكفي ليهزّ أعماقك، كاملاً بما عجزت عن إيجاده في شريكك الآخر، وكأنها تقول لك: “هذا ما كان ينقصك… لكن لا تلمسه”.

في تلك الزاوية المظلمة، حيث لا يُفترض بك أن تتقدم، ولا أن تسمح لقلبك أن يخفق خطوة واحدة، تجد كل ما كنت تفتقده، كل ما سعيت جاهدًا أن تبنيه في علاقة أخرى، كل حلم ظننت أنه لن يتحقق. تراه هناك… واضحًا، نقيًا، مكتملًا، لكنّه ليس لك.

وهنا تكمن القسوة… أن يكون كل ما تُحب مُحرّمًا، وكل ما يُشبهك بعيدًا، أن تمتد يد الحياة لتمنحك أكثر مما تمنّيت، ثم تسحبك للخلف في اللحظة ذاتها، كأنها تقول لك: “هذا قدرك، أن ترى الجمال ولا تملكه، أن تشعر بالحياة من خلف الزجاج، دون أن تلمسها.”

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!