سامية مصطفى.
أريد أن أبكي، أن تذرف عيناي الكثير من الدمع حتى تفيض أنهارًا تامر المدينة، فأنا التي عاشت سجينة انعكاسها في المرآة، كنت أقف كل ليلة أمامها أطرح الأسئلة وأبحث عن الإجابات التي تشفع لذاتي الدفينة، كنت أفكر في كل شيء، الأمس واليوم والغد، لم أتريث قط رغم الوعد الذي قطعته بألا أتسرع في التفكير وأُعطي نفسي حقها في الهدوء
ذات يوم وقفت ووعدتها ألا ننخدع مرة أخرى فقد سئمت من الخزي، الألم يترك أثره على فؤادي كأصابع يدٍ لرجلٍ أهوج يبطش بمن يعارضه، كلما أزحت الغطاء رأيتها تتوهج فتخونني عيناي وتذرف دموعًا لا حصر لها على حالي
أتعرف معنى القلق من الوجع؟ كل ليلة تنم فيها وأنت مُمسكٌ بقلبك تعتصره بقبضتيك من شده الخوف، ترتعد فرائصك من الهلاوس التي تحاصرك، كل ليلة أسمعهم يهمسون باسمي تارة يحذروني وتارة يبثون في نفسي الرعب
بتٌ أرتعد من سماع قصص الخذلان خاصة أمام النفس والعائلة، لا أخفي عليكم اختبرت أغلب الأنواع لكني لم أتصور أن أجرب هذا الأخير أمام ذاتي وأمي، أن يخذلك شخص ليس بكارثة بل الكارثة الحقيقية أن يتخلى عنك وأنت الذي دافعت عنه بجسارة جندي عاشق لأرضه
أن تسمع أحاديثهم حول ما حدث معك، وأن اختيارك لم يكن صائب منذ البداية وأنك تسرعت وأنك صغير على أن تعيّ نوايا البشر الخبيثة، لم يبكيني شيء مثلما أبكتني تلك الأفكار، اللعنة على النوايا العَفِنّة، اللعنة على مُعي المثالية وهم بالأساس أفاعي تنزع جلودها باستمرار
أتسائل دائمًا كيف للمرء أن يزيف ابتسامته المرحة وحديثه العذب؟ أين تختبئ تلك الأنياب السامة؟ ماذا يجني المنافقون من نواياهم الخشنة؟ مشكلتي أني فتاة تملك جسم فاتنة في العشرينات وقلب طفلة لم تنضج بعد دنسه الأوغاد