إسماعيل السيد
لقد قررت أن أنام مُبكراً
لأصل العمل مبكراً ،لأنهي العمل مبكراً
لأنام مبكراً
كانت الساعة الثامنة حين اتخذت ذلك القرار
الرابعة صباحاً بدأ الأمر يبدو جدياً ،الخامسة صباحا شعرت بالنعاس
طفل مُشاغب يعبث بالمفتاح الكهربائي لليقظة
في الخامسة والنصف نمت
في السادسة استيقظت مفزوع
لأنني حلمت بحادث مروع
كُنت أقود سيارة في الهواء ،على طريق سريع
حين انثقب الإطار
لتخرج السيارة عن مسارها ،وتلج الغابة المعلقة في الهواء ،مثلي ،مثل الطريق
ومثل الحادث
يبدأ الجنون دائماً
من الأحلام
حين نفقد الرعب المعتاد ،حين تتخذ المخاوف شكل أحجية
و حين يجالسنا المجهول
داخل المقهى
دون أن يسألنا “أنمضي أبعد”؟
جلست أفكر في النوم المبكر الذي لم يحدث ،في المنبه المغشوش الذي يظنني نائم الآن
يحد حنجرته لإفزاعي
في الساعة الثقيلة التي تفصلني عن موعد نزعي من الفراش
في الغبار الذي تصاعد حين تدحرجت في الغابة
المعلقة في الهواء
علي أن أحبك مرة أخرى لأعود إلى الأرض سالماً
هكذا فكرت
ثم فكرت في أنني بحاحة إلى العودة إلى بيتنا في تلك البلاد التي لفظتني
وأنني بحاجة إلى أن أجرب أن أموت في امرأة أخرى
وبحاجة لفرشاة أسنان
وثياب داخلية
وبحاجة إلى ترتيب ذاكرتي
أنتِ تُضعين على الرف العلوي
وأقذف بي نحو سلة المخلفات
كقنينة عطر فرغ دورها
السادسة وعشرون دقيقة ،مازال أمامي متسع لاتذكر الحلم ،الغابة المعلقة في الهواء
كانت هناك فتاة ،على جانب الطريق المعلق في الهواء
هل استيقظت مفزوعة مثلي
صارخة يا الله
لقد حدث حادث مروع في الهواء ،انزلقت سيارة نحو الغابة
هل نظرت من الطريق نحو الغابة
واضعةً يدها اليمنى على صدرها
هل قالت في ذهنها
“يبدأ الجنون حين يقع حادث في الهواء”؟
بينما تستخرج المخالفة من الأرض
هل جلست تنتظر المنبه وتفكر
ينبغي أن أحب أحدهم؟
كان هناك عصفور ،يجلس على غصن شجرة
يهدهد أحزانه
كرجل بائس يدخن من أعلى الشُرفة ،بملامح بليدة
لم يفزعه الحادث الذي حدث في الهواء
لم تتغير حتى وضعيته
كان يشعر بالسخط
لقد كانت السماء آمنة ، حتى فكر أحدهم في تعبيد طريق سريع
قُرب الغابة
حيث تقف الفتاة تنتظر الحادث
الذي يقع
في الطريق السريع وينتقل للغابة ، المعلقة في الهواء
حيث الطائر ذو الملامح الباردة
يهدهد أحزانه
كرجل بائس يدخن من الشُرفة
الساعة السابعة ،يفرك المنبه أجفانه ،يتنهد بكسل
ثم يتفاجئ بمشهدي بجواره
ملطخ بالغبار ،واليقظة ،والحيرة
لابد أن الجنون يبدأ
حين نبدأ بالاستيقاظ ،قبل أن ننام
يزفر المنبه بغضب ،لقد كان يوم اخر بلا وظيفة له
يطفئ نفسه
يسحب الملاءة وينام
أُبعد الملاءة وأصحو
عليّ أن أذهب إلى العمل ،وأن أمر بمكتب الشرطة
أدون الحادث الذي وقع في السماء
على الطريق السريع حيث الفتاة ،لمحت سيارتي تنزلق نحو الغابة
التي بها طائر
يهدهد حيرته ،من أعلى الشجرة ،ويتأملني ببلادة
كرجل بائس يدخن عمره المتبقي ،من اعلى الشرفة.