أسماء وليد الجرايحي
عند رجعتي إلى المنزل من أول يومٍ دراسي شاقٍ، وكأني أحمل فوق رأسي هموم لا تنتهي، حتى الطعام لا أستطيع تذوقه، وبالكاد تناولت بعض اللقيمات
وكنت حينئذ في السادسة من عمري وبعد الراحة المؤقتة التي لا تتخطى ساعتين من النوم، وإذا بي أسمع صوت أمي تناديني للإجابة على الواجبات المدرسية
وكان جل هدفي وقتئذ أن أنهي سنتي الدراسية الأولى التي ظننت أنها لا يعادلها صعب في هذه الحياة
ومرت الأيام يومًا تلو الآخر إلى أن وصلت إلى نهاية العام وحينها ويكأني أنهيت تعليمي المدرسي بالكامل
ثم أخذت في أجازة نهاية العام، وكانت تلك ألعابي الحقيقية التي لم أتذوقها منذ ذاك اليوم الأول
وكانت فرحتي لا يسعها العالم عند فوزي بتلك الألعاب، فأجازة ممزوجة بالفوز، يا لها من متعة!! لو أنها تدوم، ولكن هيهات
فما هي إلا أيام قلائل إلا والخبر يذاع!
ها فقد بدأ الإعلان عن موعد العام الدراسي الجديد
وإذا بي يتلاشى الحلم باقتحام العام الجديد
وعندها بدأت أعي بأن ذالك مشوار طويل حتما، ولا مفر منه
ولكن كان علىّ أن أبدأ في حلم لا ينتهي فسرعان ما بدأت في حلم الإنتهاء من المرحلة الإبتدائية بتفوق، وكنت اظن حينها أن ذالك نهاية المطاف حقيقة
وما هي إلا بضع سنوات وتنتهي المرحلة الإبتدائية لأجد نفسي دون عمدٍ في مرحلة آخرى، علمت أنه يجب علىّ القيام بأكمل وجه في تلك المرحلة كي تمر بسكينة كما مرت التي تسبقها
وعلى الدنو من مرحلة الثانوية إلا والأحلام تنهال علىّ كأن جبال الإيفرست تعلو فوق رأسي ، والعجيب أن ذاك الشعور لم يكن لدي فقط بل بجميع أقراني
وانقضت تلك المرحلة مع الحلم الذي رافقها على طول الطريق، فحينئذ طننت أنه أني امشي بدون دراية
وبقيت على هذا الحال إلى أن أنهيت مرحلتي الجامعية وبعد أيامٍ قلائل فجئت بنبأ قبولي في الوظيفة التى كانت آخر أحلامي والتي قدمت فيها على سبيل الوهم لأصدم مرة آخرى بتشابه الأسماء
ولكن…
ما كنت لا أعلمه، أن ذالك الحلم الذي أضعت فيه وقتي للتفكير والإدراك ما كان حلمًا حقيقيًا لأن الحلم الحقيقي هو نهاية الشئ وكل ما كنت أفعله ما هي إلا أهدافًا توصل إلى الحلم…
فهل علمتم ما الحلم الحقيقي الذي يستحق أن نبذل قصارى الجهد ونسعى بالأهداف من أجله؟
الحلم الحقيقي هو الجنة جعلنا الله جميعًا من أهلها.




