✍️ بقلم/ انتصار عمار
حينما يصبح الصمت لغة، والمطر دمعًا في عيون الشوق، وتكون النافذة مسرحًا للقاء، والزجاج دفترًا مزركشًا، بألوان النسيم.
عندما يطل المطر، وكأنه حبات لؤلؤ فضية اللون، تحاكي الطبيعة، يهمس في أذن الأرض، يغازل أوراق الشجر.
يأتي ذلك الذي هرم فجأة من طول الانتظار، ذلك العجوز الذي يختبىء
خلف جدران الوجود، ويعود من سفره الطويل.
تحمل تجاعيد وجهه صفحات ماضى
الذكريات، يحمل حقائب ديسمبر، يسير بخطى رتيبة، وكأنه متسكعًا بين أزقة الساعات.
كأنما أثقلته أمتعة الرحيل، في غسق
الليل، إنه حديث الشتاء على النوافذ،
حكايات مسطرة، يروي أحداثها الزمن.
ولا أحد منا يسمع حديثه، أو يبصر دمعاته، حين تتوارى خلف رزاز المطر، حينما يطرق الشتاء النوافذ، ويحمل معه رسائل ضبابية.
ويكتب أقصوصته، وكأن النوافذ صارت صفحة بيضاء، موقعة ببخار الأنفاس، وكأنما كل شهيق، وزفير هو بصمة شوق
تحملها النافذة.
وكأن كل حرف هو وداع مخفي، خلف ستار الكلمات، خطته أنامل الشتاء، أحرفًا مبهمة، في روايات الشوق.
خلف كل قطرة مطر، رواية، وخلف كل نافذة سر، خطته يد القدر، وتحت زخات المطر حقائب غرقى، تحمل دموع الحنين.
وأوراق أشجار عارية، تحيا بأمل اللقاء، تذوب بين شفاه الصمت، يقتلها الأنين.
حكايات شوق، وهجر، لقاء، ووداع، تسبح في ماء المطر، بلا وجهة، بلا قارب، بلا شراع، فقط أحرف تقاوم، وكلمات تنتظر، حكايات أذابها الجليد.
فتُرى هل يأتي يوم ونسمع حديث الشتاء على النوافذ؟ وهل سنبصر دمعاته؟ هل سنجيد قراءة أحرفه الضبابية، في بريد الوجود؟




