كتبت: تسنيم أيمن
ولد فوزي في 19 أغسطس عام 1918 وتوفي عن 48 عاماً بمرض السرطان في يوم 20 أكتوبر/تشرين أول عام 1966.
حياة محمد فوزي:
عرف فوزي طريق الموسيقي على يد عسكري مطافي يُدعى “محمد الخربتلي”، كان على علاقة وثيقة بعائلة فوزي، لمس منذ البداية تعلق الطفل الأسمر هادئ الملامح بالموسيقى، فقرر أن يصطحبه معه في الموالد والأفراح الشعبية التي كان يقوم بإحيائها في محيط محل سكن فوزي، وعلى مضض وافق الأب المحافظ.
بدأ فوزي يذهب مع الخربتلي في كل مولد شعبي أو أمسية شعبية هنا أو هناك، حتى جاء عام 1938 الذي كان الحاسم في حياة هذا الصبي، فقد انتقل برفقة الخربتلي إلى القاهرة، وعانى الفقر ولكنه لم يستسلم لليأس، فترنح بين هذا وذاك، حتى استقر به المقام في فرقتي “فاطمة رشدي”و”بديعة مصابني”.
عام 1944 كانت المرحلة الحاسمة الثانية في مسيرة فوزي القصيرة والتي كما ذكرنا لم تتعدالثمانية والأربعين عاماً، فقط تمسك بفنه وظل يغني في فرقة بديعة مصابني، حتى دفعه القدر للقاء الفنان الراحل والمخرج “يوسف وهبي”، لمس فيه القدرة على التمثيل وليس الغناء فحسب، فسنحت له الفرصة من خلال طرق هذا الباب أن قدم أول أفلامه السينمائية وكان “سيف الجلاد”، وأخرج “وهبي” هذا الفيلم.
وبعد أن تمكن محمد فوزي من تأدية الدور كما رسمه يوسف وهبي في مخيلته، بدأت الأدوار والأفلام تتوالى على محمد فوزي، حتى يصل مجموع أفلامه الذي وصل إلى36 فيلماً وأنتج منها18فيلماً وكانت أفلامه ذات طبيعة غنائية استعراضية، من خلال ثنائي سينمائي فريد كونه مع الراحلة “مديحة يسري” التي أصبحت زوجته بعد ذلك.
رحلة فوزي لطريق الخطر:
“الاضطهاد المدمر” الذي تعرض له الفنان، الذي اشتهر بخفة الدم والظل، سواء في التمثيل أو الغناء.
وكشف كتاب “أشرف غريب” “الوثائق الخاصة” أن رجال نظام عبد الناصر “انتقموا من فوزي لا لشيء سوى لصداقته مع اللواء محمد نجيب” الذي اعتبره أنصار ناصر في مجلس قيادة ثورة 23 يولي/تموز عام 1952 في مصر خصماً ينازع ناصر الحكم والزعامة.
وكان نجيب من أنصار تحقيق هدف الثورة في إقامة حياة ديمقراطية سليمة. فسعى لعودة الأحزاب ورجوع الجيش إلى ثكناته بعد أن غيّر النظام. كما تمتع نجيب بشعبية كبيرة في الجيش وبين المصريين. إلا أن ناصر ورجاله كان لهم رأي مختلف وتخلصوا في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1954 من نجيب، الذي وُضع قيد الإقامة الجبرية لا يمارس السياسة لمدة 30 عاماً، ولم يعد يذكر اسمه كأول رئيس لمصر في كتب التاريخ والتعليم.
وفي عام 1961 مارس نظام عبد الناصر تضييقاً واضحاً على فوزي، كما يقول الكتاب.
وأحد أهم مظاهر هذا “التضييق” هو: “فرض الحراسة على موزع أفلامه الوحيد في الداخل (وهو) شركة “منتخبات بهنا فيلم” بمقريها في القاهرة والإسكندرية”.
ويصف غريب هذا التصرف بأنه “سابقة لم تعرفها الحياة الفنية في مصر من قبل أو من بعد”. وأدى إلى أن “غُلت يدا محمد فوزي داخلياً وخارجياً في تمويل وتوزيع أفلامه بخلاف المبالغ المالية التي كان قد تكبدها في التجهيز لهذه الأفلام.”
وكما قال السيد بازيل بهنا، وهو الوريث الوحيد لعائلة بهنا والمقيم حالياً بالإسكندرية: “إن أفراد العائلة “لم يستبعدوا – في حينه – أن يكون المقصود بفرض الحراسة على بهنا فيلم هو محمد فوزي نفسه لأنه كان حدثاً فريداً وتزامن مع ما وقع بشكل مباشر لمشاريع وممتلكات محمد فوزي”.
وحدث أيضاً في عام 1961 وبعد مرور ثلاث سنوات على تأسيس مصر فون، خرج إعلاناً مدو في هذ الوقت يشير إلى تأميم شركة مصر فون وجعلها مملوكة للدولة لا لشخص محمد فوزي وسُميت باسم “صوت القاهرة”، في حين تم الإبقاء على محمد فوزي مديراً لها نظير مبلغ 100 جنيه، لم يستطع فوزي الاستسلام لهذا القرار وفي نهاية المطاف لم يجد أمامه سوى القبول الأمر الذي كلفه حياته، فقد دخل في نوبة اكتئاب حادة أدت إلى إصابته بمرض نادر لم يجد الأطباء علاجًا ناجعًا له، فيما أطلق عليه البعض اسم “مرض محمد فوزي” ضرب بعظامه وعضلاته وأفقده الكثير من وزنه، حيث كان يزن في أيامه الأخيرة حوالي 40 كيلو جراماً.
حفيد فوزي ينفي:
ونفى الدكتور منير محمد فوزي، أحد أبناء الراحل والذي يعمل طبيباً بشرياً في عيادة يقع مقرها بأحد شوارع مصر الجديدة، نفى ما أسماه البعض بالوثائق التي تثبت اضطهاد الرئيس جمال عبدالناصر لمحمد فوزي.
وقال منير: “كان أمراً طبيعياً أن تأخذ الدولة بعض الأموال من الناس لكي يعاد بناءها، شخصنة الأمر وتسييس محمد فوزي هو أمر مرفوض نهائياً، حتى شركات محمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ اللتان تم الادعاء أنهما لم يتأمما وتأممت شركة محمد فوزي فقط، هذا أمر غير صحيح إطلاقاً، لأن التوقيت لم يكن واحدا، هم أسسوا شركاتهم بعد محمد فوزي بعدما أسس “مصر فون”، وبغض النظر عما تم ولماذا تم، فهو لم يستخدم ذلك في الهجوم على مصر ورموزها.
على العكس من ذلك ووفقًا لمنير، “فالعكس هو ماحدث حيث كان فوزي يغني أغنيات وطنية في حب مصر، وأنفقت الدولة عليه في مرضه وأرسلته للعلاج في الخارج، وفي طريق عودته غنى لمصر جيت لك يابلادي من بعيد، حتى آخر لحظة فيه حياته كان يحب مصر ويغني لها”.