ابداعاتخواطر

حكيم بلا عدل

رحمة خميس

 

إنّي لأرى فاهًا يجري عليه معالم النُبل بالحديث، مُدرك بمجامع اللغة، حكيمًا، يلبس بثوب رجل دين سميح، وأميرًا نبيلًا، وشاعرًا في آن واحد، لكنّه كالعملة ذو وجهين.

 

 

ستجده حكيمًا ذا باعٍ طويل يروي على مسامع ضحاياه ضد حاكم متجبر، وعالم يسوده نفاق بغيض، يعلو معه صوتٍ حاسم يكسوه شفقة الحياء بأنه المنُقذ الأخير من الطوفان، ولكنّه الهلاك بأُّم عينه.

 

 

ستقعون بفخ مع من نفسه كانت هلاكًا له قبلكم، ولطّخ بها دماء نفوسكم على عار جبينه، بحلوى مُغلفة كحديثه وفصاحته التي هي بريئة منه إلى يوم يُبعث.

 

 

تكالب عليكم كالغراب الذي باع إخوته وربح من فعلته وأكل لحم أخيه، حتى تآكل لحمه عند مماته ولم يرى للتجبر سبيل يُنقذ به ما تبقى منه، ليحظى بنهاية وميتة سوية لا يتشمت بها الأعداء ويرقصون به على طبول فرحهم.

 

 

إنها نهاية من يرى أن هلاك الأمم في طغيانه وسفكه لأرواح بريئة سبقت أجسادها إلى جنة الخُلد تشفع لبعضها البعض، وتنتظر حُكم أكثر عدلًا من قاضي السماء على ظلم حِفنة تراب لحفنة تشبهها.

 

 

كُلًا يرى السلام فيما يفعل، لكنّ سلام الطاغي دس السُم بالعسل، يرى فعله هو الصواب مهما كانت نتائج طغيانه، مهما سقط العديد والعديد من الأبرياء ضحايا للتجبر.

 

هل علمتم الآن لماذا ستتحدث الأشجار في آخر الزمان، وكل جماد يُفصح عما شهده طغيان الظلم؟ 

 

هل علمتم الآن أننا سنُحاسب على وقوفنا مكتوفي الأيدي نرى المكر السيء يحيق بغير أهله؛ لأن القرار الحاسم سيترتب عليه سوء العاقبة فقط؟ 

 

 

ماذا سنقول في دار الحق أمام محكمة لا ينفع معها شهادة زور ولا دفاع عن النفس برؤية منكر لم نستطع تغييره؟ 

 

 

جميعنا سندفع الثمن مع الحكيم بلا عدل، والمتجبر بلا شفقة حياء، والساكت عن الحق، والذي دفن رأسه عن رؤية الحق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!