هاجر متولي
لم يخلقنا الله كذلك لم يخلقنا قساة، مجردين من الرحمة، ومشوهين لا نرى إلا كل شر حولنا، ولم يخلقنا كملائكة، مجردين من كل سوء وقبح.
خلقنا مسالمين، مقبلين على الحياة، ومفعمين بالنشاط والحيوية والجمال، ومجردين من كل سوء فينا اكتسبناه من شر النفوس.
ولكن اختبارات الحياة فينا هي ما جعلتنا كذلك جعلتنا نؤذي بلا رحمة، ونتباهى بالسوء فينا، ولا نثق أن هناك رحمة أو جمال قد تبقى بتلك الحياة.
إلى أصحاب النفوس المريضة كفاكم أذى، وإلى أصحاب التسلط نستعين بربنا عليكم، وإلى أصحاب الوجوه المتلونة، ليبتليكم الله بنفوسكم.
إلى من يبتسمون للمارة رحمة بهم، رزقك الله أضعاف ما تتمنوا برحمته، وإلى من يراعي أثر كلماته الحاده مع غيره، رزقك ربي بنقاء لا ينقص وبعباد لا تنسى فضلكم، وإلى من يعي أنه مازال هناك أشخاص تحترم رغم اختلاف الزمن، اعلموا أنكم وحدكم من عرفتم الدين على حق.
الله يعلم أننا نخطئ، وينتظر منّا الاستغفار، ووحده من يدرك حجم جهادنا لنفوسنا، وما تتركه ابتلاءات القدر بنفوسنا، وينتظر منّا العودة له، يحب أن يسمع نداء عباده، ويعلم حجم حاجتنا للنجاة بيده.
يعلم أن أرواحنا قد ذبلت، وتملكنا اليأس، وهو رب الكون، وصاحب النجاة والأمل، فكيف ننطفئ ومعنا الله؟
يا عباد الله… الله يراكم في كل صوركم وأوقاتكم، وأحوالكم، وهو معكم أينما تكونوا، ومنجيكم من وهل الأيام والأقدار، الله صاحب الجمال سينعم علينا بالجمال برحمته، وسيزيل كل شر بلطفه، وستزهر جنات الحب بين عباده بقربهم له.
الجمال مازال بكل منا، وإن قل درجات، فإن نبي الله ” عليه صلوات ربي” قد ذكر أن الخير فينا إلى يوم الممات.
إلى عالم يفتقر لجرعات سلام لم توجد في تلك الحياة، خلقنا الله أقوياء، ولكن نحن من جعلنا أنفسنا ضعاف كذلك.
ما أبعد السماء، وما أقرب الله، فلنعود إلى الله…
يا الله أرحمنا في لحظة ضعفنا فليس غيرك يقوينا، وإن يأسنا من متاعب الحياة فلم نفقد فيك اليقينَ، وإن ضللنا الطريق إليك فاجعلنا نعود لك فلا سواك يهدينا.
وأبعد عنا شيطان نفوسنا، واهدنا برحمتك يا الله، هذّب قلوبنا وأنر عقولنا، واغفر لنا خطيئتنا وجهلنا يا الله.
إلى من نشكو وأنت موجود، ولمن نبكي وبابك غير مردود، ولمن ندعو وأنت فقط المعبود؟
اللهم اجعل عفوك عنا دائم، وغفرانك لذنوبنا ورضاك عنا قائم، واجعلنا عن ذنوبنا نادمين، وعلى بابك مقيمين.
ياالله، إننا نناجيك بكل ذرة فـى كياننا، ألّا تتخلى عنا مهما بدر منا، فنحن عبادك الضعفاء.
