ابداعات

حين حدثت أمي

 

بقلم: ندى يحيى

 

في ليلة من الليالي المعتادة للأحاديث الدافئة بيني وبين أمي أخبرتها بصراحة عارمة وبصوت يبدو عليه الاختناق أنني أصارع نفسي وأنني الآن أقف أمامك معبأة بالصراعات،أفهم جيدًا نظرة القلق التي اجتاحت عين أمي حينها ولكني كدت أختنق من المقاومة ومن التظاهر بالسلام الكاذب.

 

لأول مرة أقرر أن أعبر عن ذلك القلق الذي يجتاحني دون أن أحاول تخبئته ببعض المزحات مع أبي وبعض الضحكات المتعالية مع أمي وإخوتي خوفًا من أن تنفرد بي مخاوفي إن أدركها عقلي وإن قررتُ الصمت والاستسلام لتلك الأصوات التي تملأ عقلي لتخبرني بأنني خائفة وتائهة وأخشى أن يفوتني الكثير،وأن أكتشف في النهاية أنني صارعت في المكان الخطأ ولأجل الأُناس الخطأ.

 

دائما كان يراودني سؤال واحد في كل ليلة وأنا أتأمل سقف غرفتي وأرتب أفكاري المبعثرة و صراعاتي الدفينة وبعض من المخاوف التي كادت أن تقطع أنفاسي لأسأل نفسي حينها كيف وصلنا إلى هنا؟ 

ربما أبحث عن شخص ما أُحمله مسؤولية كل ذلك،ربما أخشى مواجهة نفسي بحقيقة أن فوضى العالم اجتاحت طمأنينتي، أفقدتني حُكمي على الأشخاص بالحُسنى وعلمتني أننا حقًا خُلقنا في كبد.

 

ولكن ماذا إن اهتزت بداخلنا أركان المنزل، وأعمدة الحب، وتمزقت دمى الطفولة،وتشوهت الذكريات واكتشفنا أن كل الأبطال كانوا معبئين بالخوف والذعر من مستقبل ينتظرنا وأنهم رغم كل ما قدموه من محبة قد حصدوه أشواك رغم كل ما أظهروه لنا من طفولة مليئة بالسلام وكأنهم لم يتذوقوا العناء قط.

 

 لأنظر لملامحي حينها في المرآة وأتذكر حين تشاركت بعض الجُمل المفضلة من كرتونات الطفولة التي أُحبها مع من أحب وحين لمست في أعينهم طفولة رائعة تجمعنا،كلمة من هنا وأغنية من هنا وذكرى تربطهم بكل تلك الشخصيات.

 

 

طالما تمنيت أن تتحول هذه النهايات السعيدة لأشخاصِ الكرتونية من خياٍل إلى حقيقة أو ربما ظننت في طفولتي أن ما أشاهده هو الحياة ولم أكن أعلم أنه الغطاء الساتر لكل الفوضى العارمة التي تنتهي في كل ليلة بحديث مع أمي وهي تجهز لنا العشاء وتحاول أن تتسلل إلي مخاوفي ببعض الكلمات لينتهي بي المطاف وأنا أخبرها أنه في الجنة سيموت الحزن وجراح القلب وسينتهي التفكير ويفنى الانتظار.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!