إسماعيل السيد
حين عبرت بالبقالة،
لأشتري “أبًا”، كنت أبحث عن رجل ذو شارب،
ويد قوية،
تسحبني، لأقطع الطريق السريع،
يد تحملني،
حين أنام، على الكنبة
حالمًا بكوكب “زمردة”
وعالم هزيم الرعد
لكنني حين كبرت، عرفت أنني كنت بحاجة
لأبي الذي يحتمل
رائحة الثمالة في فمي، وفوضى غُرفتي، وعشقي لقلوب النساء.
وحين ساومة سمسار،
حول ثمن الاسم، كان يود ان يسميني اسمًا غيري،
لأنه ارخص،
كنت عندها ربما، سأكون ذاك الآخر
لكنت مجرد حطاب يجرح الغابة ليبني منزل، أو أريكة أو تابوتًا،
أو حمّال،
يحمل السماء؛ لكي لا تتسخ في الوحل
لكن غشني الاسم، بحروفه الملونة، ولهجته المطوية بعناية
فدفعت كل حروفي التي ادخرتها
وحين وصلت إلى البيت
كان الإسم فارغًا، مثل ذاكرة الاحتضار
وحين أردت شراء إخوة لي
كنت حريصًا بأن لا أكرر خطأ يوسف
سألتهم هل تعرفون “الجُب”؟
تلفتوا، وتهامسوا، ثم قالو أتقصد
حذاء المشردين على الطرقات؟
لا أدري ما يجمع الأثنين
لكنني ابتسمت
ثم اشتريتهم
أحد عشر أخًا
في الطريق فتح أحدهم حقيبة، أخرج قافلة العزيز
حطمها بحذاءه
ثم نثرها للنسور
وقال لي
أتقصد ذاك البئر “بالجب”
اطمئن لا عزيز سيعبر بك الآن
اصنع عزيزك من ضباب العزلة وانجو إن استطعت
ثم قذفو بي
و حين أردت شراء الحبيبة تعجبت ؟
فقد باعها حبيبها
ليشتري معطفًا لحبيبة اُخرى أتعبتها خيول الشتاء
أعطيته معطفاً، وقفاذات
و جمرًا وحطبًا
شكرني، ثم وضعها لي في كيسًا من الخيبة الملونة
قبل شراء تلك الحبيبة
كان البائع حريصًا على أن يروج بضاعته
أراني عينيها الحزينتين
ابتسامتها مكسورة الرائحة
فمها وأثار القُبلات الناقصة، شعرها، أبجدياتها الصماء
أغنياتها التي لم تتجاوز حمامها
أو حدود الشفاه
أراني كل شيء
لكي لا اُعيد البضاعة إليه
لكن يالا غبائبه
لم يريني الثُقب القديم في ذاكرتها
لو اكتشفه لأدرك أن الربيع محبوسًا هناك، وما كانت حبيبته الغبية ستحتاج معطفًا
لم يريني مفتاح قلبها
لو رآه لأدرك معنى أن يكون للإنسان لغةً تُمثله بكل الغوايات الممكنة
ولو أدرك القيد الذي يُكبل يديها
لأدرك
معنى أن يكون تابوتك أيادي تمنحك أبدية الدفء.