بقلم : ندى يحيى
” سدوا الخلل ، استقيموا واستوا يرحمكم
الله ”
كنت طفلة لايتعدى عمرها الست سنوات أقف مع أبي في ساحة الحرم الكبيرة أرى الجميع يهرول للصلاة يصطفون بنظام يثير قشعريرة الأبدان لم يعد هناك منفذ واحد بينهم لقد قاموا بسد الخلل مثلما قال المؤذن .
بينما كنت لا أكترث لأي شيء سوى بعض الأمور التي تثير فضولي كلمات كانت تقتحم طفولتي وذهني الصغير طامعة في أن أتأملها .
ملامح الجميع تتغير بخشوع كبير في منتصف الصلاة ، كل منهم يخوض حربه الخاصة ، لا أفهم أي شيء سوى أن هذا الرجل ينتابه الهلع، كيف لأحد أن يبكي بهذه الحرقة ، لماذا مازال هنا رغم شيب شعره وجسده النحيف والتجاعيد التي تملأ حتى قلبه ؟
هل مازال يحارب لمطلب ما ؟ ماذا ينتظر رجل في نهايتة حياته من هذه الدنيا ألم يسعه تحقيق ما يكفي من الأمنيات والدعوات المجابة ؟
وبينما كانت تدور كل تلك الأسئلة في ذهني كان يفصلها صوت التكبير الجماعي عند الركوع والسجود ، هذا الحشد الخاشع لم يمنعني من مراقبة ذلك الرجل وكأنه وحده يقف بين الصفوف رغم الزحام ، الجميع سد الخلل بين الصفوف لكن خلل قلبه لم يسده أحد .
ورغم طفولتي حينها وطموحاتي العارمة في التشبث على كتف أبي حتى لا أتوه بين الزحام إلا أنني كنت أتذكر الكثير من ملامح هؤلاء المنهكين ، كنت أحب تأمل ملامح الكثير ، يأخذني عقلي في رحلة بين تفاصيلهم من النظرة الأولى ، الجميع يحمل قصة ، خوف ، حب ، وتوبة أيضًا .
الجميع في صفوف الحرم جاء باحثًا عن شيء ما شيء لن يسده اجتماع الزحام في صفوف الصلاة ولكن كان الأمر أشبه بجرعة لتسكين الألم إلى أن تستجاب الدعوات .