لجين سامح
“اللحظة التي يغادر فيها القطار، يصل القطار الجديد..”
أتسابق مع الزمن يومًا تلو الآخر، أركض إلى النفق، إلى السماء، إلى الرياح..
وأحمل فوق ظهري أحلامي، توقعاتي، وتطلعاتي.
تأخرت عن عملي نصف ساعة كاملة، وصلت في اللحظة الأخيرة التي غادر فيها القطار..
يئست، وجلست على المقعد، حتى ربت على كتفي يد يائسة، يبسها العالم، وأكلها الزمن
ابتسامة باهتة، ورائحة المسك، والعجوز يجلس جواري
” ما بك يا فتى ؟”
“لقد فاتني القطار..”
“لا بأس، يوجد غيره..”
“لن أصل في الموعد أبدًا..”
“هذه الحياة بلا مواعيد، لا وجود للزمن..”
قلت في نفسي:”كان ينقصني أنت أيها العجوز..”
“يا بني..
إن هذه الحياة تمضي، تمضي بالطريقة التي تضحي بها عجوزًا دفعة واحدة..
تمضي وقد أخذت ما قسم لك منها
تمضي وأنت على عجل، أو بروية، وأنت تحاول، أو تجلس في الزاوية..
أنت تركض، لكن الجواد الذي يركض من بداية السباق.. لا يصل
وإن وصل، وصل ممزقًا
الحياة قصيرة، والأيام تتداول، وتسلم إحداها الأخرى، ما حرمت منه اليوم قسم لك الغد
وما أُخذ منك أمس، نسيه اليوم، وما تركض من أجله.. هو الموت”
انتبهت هذه المرة، ومع صافرة اقتراب القطار..
لم يكن هناك أحد، كنت أنا والعجوز..
“أترى؟ القطار قادم، لقد فاتك قطار ليصلك آخر..
دع عنك يأسك، وابتسم.”
ابتسمت، وتذكرت، كل ما قدمت عمري قربانًا لأجله..
كان مجرد سراب.

 
						


