الفن نيوز

علي هامش المؤتمر الصحفي الأميركي حول الحرب في غزة

✍️يوحنا عزمي

تحدث مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان بالأمس حول الحرب في غزة، عبر وبأعصاب باردة تماما وبلا أدنى توتر أو انفعال عن موقف الإدارة الأمريكية حيال ما وصلت إليه تطورات هذه الحرب التي تقترب من نهاية شهرها السادس وشغلت العالم كله بفظاعة ما يحدث فيها من انتهاكات وممارسات وتجاوزات لكافة القوانين الدولية ومواثيق حقوق الإنسان.

وبدلاً من أن يعلن عزم الإدارة الأمريكية التي يعتبر احد كبار أركانها وارفع مسئول أمني فيها، علي وقف هذه المجازر البشرية الدموية المروعة التي تحصد المئات من أرواح المدنيين الأبرياء يومياً وتحيل غزة إلى كتلة مخيفة من الأطلال والأنقاض على يد آلة الحرب الإسرائيلية المتوحشة، نجده يخرج علينا ليقول بعبارات مثيرة ومستفزة أنه في الاتصال الأخير الذي جرى بين الرئيس بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، عبر الرئيس بايدن له عن قلق أمريكا حول أمن إسرائيل..

ولنا أن نتصور هنا حجم المغالطة والمكابرة بلا استحياء ومن الرئيس الأمريكي نفسه في حديثه مع رئيس أفظع حكومة إرهابية في تاريخ الشرق الأوسط.. ويتناسى الرئيس بايدن أن إسرائيل هي التي تدمر غزة وتمحو معالمها دون أن تجد من يقف في طريقها ليمنعها أو يردعها، وأنه هو الداعم الأكبر لها بالسلاح والمال، وأن إسرائيل لا تحارب في غزة وحدها وإنما تحارب وأمريكا معها باساطيلها التي احتشدت قرب شواطئها منذ اليوم الأول لهذه الحرب وتركت دول المنطقة تفسر لنفسها مغزى هذا الاحتشاد بهذه المظاهرة البحرية العسكرية غير المسبوقة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي.

ثم يقول سوليفان في مغالطة أخرى أن الكرة الآن في ملعب حماس وأنها هي وليس إسرائيل من تستطيع وقف الحرب في غزة غدا إذا أرادت ذلك، ولا اعرف كيف يكون قرار إنهاء الحرب بيد حماس في الوقت الذي يعلن فيه نتنياهو وبعبارات قاطعة لا لبس فيها أن وقف الحرب قبل تدمير حماس بصورة شاملة ونهائية، سوف يعني هزيمة إسرائيل عسكريا في هذه الحرب، وفي رأيي أنه حتي لو أعلنت حماس استسلامها ورفعت الراية البيضاء، فإن الحرب سوف تستمر لأن هدفها الإستراتيجي الحقيقي يظل أكبر وابعد من تدمير حماس كما يزعمون لإطالة أمد الحرب على قدر الإمكان بأختلاق الذرائع والأسباب التي تظهرها وكأنها تتصرف بأسلوب رد الفعل دفاعا عن أمنها.

ويقول سوليفان أن الهجوم البري الإسرائيلي المرتقب علي مدينة رفح في غياب خطط إسرائيلية لاجلاء المدنيين منها، سيكون خطأ من إسرائيل.. ومعنى ما يقوله هو أنه لن يكون لادارته اعتراض من حيث المبدأ على هذا الهجوم البري الكبير إذا ما سبقه تأمين حياة أكثر من مليون فلسطيني يتكدسون الآن في رفح في ظروف غير إنسانية على الإطلاق..

ولا يقول لنا سوليفان كيف يمكن توفير مثل هذه الحماية لهم ولا متى ولا إلى أين سوف يذهبون بهم بعد أن أجبروهم على النزوح الجماعي من غزة إلى رفح كملاذ أخير لهم ليس لهم بعده مكان يمكنهم النزوح إليه بعد ان سدت في وجوههم كل الأبواب.

وأصبحوا واقعين بين المطرقة والسندان بلا أي خيارات للهروب بها من هذا الجحيم الإسرائيلي الذي لا يرحم.. وهو يتحدث أيضًا عن المجاعة والفوضى التي بدأت تتفشى وتنتشر في غزة دون أن يقول لنا عن دور إدارته في احتوائها والمساعدة في التغلب على تداعياتها.

لم يقدم مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان جديداً يذكر في كل ما قاله في مؤتمره الصحفي.. وأصبح من الواضح تماما أن موقف إدارته المنحاز كليا إلى إسرائيل سوف يبقى علي حاله ولن يتغير، وسوف تستمر حرب إسرائيل على غزة إلى أن تعلن إسرائيل أنها حققت هدفها منها اما كم من الوقت سوف يستغرق ذلك، فلا نعرف..

وأما التذرع بأنها حرب علي حماس وليست علي الشعب الفلسطيني كما تزعم وتحاول تصويره للعالم وتدعمها الإدارة الأمريكية فيه فهذا هو آخر ما يمكن لعقولنا تصديقه منهم..

فهي حرب لإغلاق ملف القضية الفلسطينية مرة واحدة وإلي الأبد بتهجير الشعب الفلسطيني قسريا خارج دياره وترحيله من وطنه أو هذا هو ما تراهن عليه زمرة المتطرفين الحاكمة في تل أبيب.

ولو أنها كانت مجرد حرب على حماس كما يزعمون لما طالت وامتدت واستغرقت كل هذا الوقت ولما ضاع فيها كل ما ضاع من خسائر بشرية لم تتكلفها إسرائيل في كل حروبها السابقة مع العرب مجتمعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!