مقالات

زيارة نتنياهو للبيت الأبيض : تحالفات إستراتيجية ومخاطر التهجير في ظل صمت عربي

✍️ يوحنا عزمي 

سوف يكون الإرهابي الصهيوني العنصري اليميني المتطرف بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية اول رئيس لحكومة او لدولة اجنبية يتلقي دعوة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لزيارته في البيت الأبيض بعد تسلمه مهام منصبه ، وهي الزيارة التي تحدد لها من الثالث إلي الخامس من شهر فبراير القادم .. اي بعد اسبوع واحد من الآن ، وهو تقدير لنتنياهو من قبل الرئيس ترامب له معناه ومغزاه .. وسوف يكون له بالتأكيد ما بعده .. فهي ليست زيارة بروتوكولية عادية او روتينية ، وانما هي اكبر وأهم من ذلك بكثير.

ولنا ان نتصور ما سوف يكون عليه برنامج هذه الزيارة المهمة في مثل هذه الظروف الإستثنائية الخطيرة التي يمر بها الشرق الأوسط ، وفي تصوري أنه سوف يكون علي رأس جدول اعمال هذا اللقاء بينهما ثلاثة موضوعات في غاية الأهمية ، يتعلق اولها بمشروع ترحيل الفلسطينيين من سكان غزة إلي خارجها بحجة توطينهم في وطن بديل مؤقت والخطوات المرحلية التي سيقطعها تنفيذ هذا المشروع التهجيري الضخم ويتعلق ثانيهما بتطبيع علاقات إسرائيل مع السعودية كأحد الأولويات التي يعلق ترامب عليها أهمية خاصة وهي العملية التي لا بد وان يكون قد قطع شوطا بعيدا فيها من خلال اتصالاته ومشاوراته المستمرة مع طرفيها ، واما الموضوع الثالث فاتصور انه يتعلق بموقفهما المشترك من مشكلة البرنامج النووي الإيراني ..وما سوف يناقشانه معا بشأنه من خيارات وبدائل قد يتشاركان في مسئولية تنفيذها. 

ولنا ايضا ان نتصور ما سوف يقدمه ترامب لنتنياهو من مساعدات عسكرية متطورة لم تحصل إسرائيل عليها في تاريخها، وهي أسلحة كانت محظورة عليها لأنها لا تستخدم ضد المدنيين في حروب المدن لقواتها التدميرية المرعبة ، واتوقع ان يسمح له باستخدامها في غزة لتسويتها بالأرض وحتي لا تعود تصلح للحياة ، وهو ما سوف يضطر سكانها الفلسطينيين إلي النزوح قسرا منها ، ولتجد مؤامرة اخلاء غزة طريقها إلي التنفيذ علي ارض الواقع وهو ما سوف يسبقه بطبيعة الحال امتناع إسرائيل عن تنفيذ المراحل المتقدمة من إتفاق وقف إطلاق النار وانسحابها منه.

ولنا كذلك ان نتصور ما سوف يقدمه الرئيس ترامب لإسرائيل من مساعدات إقتصادية وتسهيلات ائتمانية هائلة ، لتعويضها عن بعض خسائرها في حربها علي غزة .. فمع اسرائيل ، لا توجد موانع او قيود او شروط او اي تحفظات وانما مساعدات مفتوحة علي بياض بكل صورها واشكالها .. والتبرير الجاهز دائما هو ان أمن إسرائيل من أمن أمريكا القومي ، وأمن أمريكا القومي هو من أمن اسرائيل .. وان ما يجمعهما ببعضهما من علاقات استراتيجية متميزة ووثيقة للغاية لا تقارن به اي علاقة شراكة بين دولتين في العالم. فهي علاقة خاصة جدا بصرف النظر عن الانتماء الحزبي للرئيس الجالس في البيت الأبيض وما إذا كان رئيسا جمهوريا او ديموقراطيا.

وأتصور أنهم سوف يرتبون لنتنياهو لقاء حافلا في الكونجرس بمجلسيه الشيوخ والنواب ، باغلبيته الجمهورية الموالية والداعمة بقوة لإسرائيل وسوف يحيونه وقوفا بالتصفيق الحاد له عشرات المرات كما فعلوا معه من قبل وكان حديث العالم كله لغرابته وتطرفه في تعبيره عن نفاقه ، سوف يعاملونه وكأنه احد الأبطال الفاتحين وليس كمجرم حرب وكارهابي محترف يقف بينهم ويداه ملطختان بدماء عشرات الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ الفلسطينيين الذين قتلتهم قواته بدم بارد ودفنت آلاف كثيرة غيرهم تحت الانقاض غير اكثر من مائة الف مصاب كثيرون منهم باعاقات دائمة ، وهو من دمر غزة علي رءوس اهلها بهمجيته ووحشيته وساديته وحولها إلي أرض محروقة لا تصلح للحياة .

هذا هو ضيف ترامب الذي سوف يقيمون له الدنيا في امريكا ولن يقعدوها الأسبوع القادم .. وسوف يصدقون مزاعمه واكاذيبه وافتراءاته ، ويلبون له كل طلباته ، ويبالغون في نفاقه ، وهو المكروه في بلده والهارب من العدالة ، والمطلوب للمثول امام القضاء الإسرائيلي في قضايا فساد ورشوة واستغلال نفوذ قد تنتهي به إلي السجن .. اما نحن العرب ، فلنمت بغيظنا ، وهذا هو كل ما لنا لديهم او هذا هو كل ما نستحقه من تقدير في نظرهم ، ولماذا نلومهم ؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!