✍️رشا لاشين
انتقد السفير الروسي لدى القاهرة، جيورجي بوريسينكو، أداء المحكمة الجنائية الدولية، مشيراً إلى ما وصفه بـ”ازدواجية المعايير” التي تتبعها المحكمة في تعاملها مع القضايا الدولية، واصفًا إياها بأنها أصبحت أداة سياسية تخدم أجندات بعينها.
وأوضح بوريسينكو أن المحكمة أُسست بموجب “نظام روما” الذي دخل حيز التنفيذ في عام 2002 لمحاكمة مرتكبي جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وتم منحها صلاحيات خاصة من خلال إمكانية إحالة القضايا إليها عبر مجلس الأمن الدولي.
ورغم انضمام أكثر من 120 دولة لهذا النظام، إلا أن دولاً كبرى مثل الولايات المتحدة والصين والهند وتركيا، إلى جانب دول عربية منها مصر والسعودية، لم توقع عليه. كما انسحبت روسيا من المعاهدة في عام 2016، احتجاجًا على ما اعتبرته “تحيزًا وتسييسًا” واضحًا لعمل المحكمة، و”سوء استخدام للسلطة من جانب قيادتها”.
وأشار بوريسينكو إلى فشل المحكمة في تحقيق العدالة رغم ميزانية سنوية تبلغ 170 مليون دولار وطاقم يضم 900 موظف، حيث لم تُصدر المحكمة سوى نحو 15 إدانة فقط خلال عقدين. كما اتهمها بالتركيز على القارة الأفريقية في تحقيقاتها، في ما وصفه بـ”روح استعمارية جديدة”، متجاهلة الجرائم التي ارتكبتها قوات غربية في العراق وأفغانستان.
وسلط السفير الضوء على قضية الرئيس السوداني السابق عمر البشير كمثال على التدخل السلبي للمحكمة في الشؤون الأفريقية، حيث أدى قرار توقيفه عام 2008 إلى عرقلة اتفاق السلام الشامل بين شمال وجنوب السودان، وهو ما قوبل حينها برفض واسع من جامعة الدول العربية.
كما أشار إلى تقاعس المحكمة عن التحقيق في انتهاكات موثقة ارتكبتها القوات الأمريكية وحلفاؤها في أفغانستان، حيث أُغلق التحقيق بحجة “عدم توافقه مع مصلحة العدالة”، بعد ضغوط أمريكية شملت فرض عقوبات على المدعية العامة السابقة فاتو بنسودا، ما أدى إلى تغيّر اتجاه التحقيقات لاحقاً لصالح دراسة جرائم طالبان وداعش.
وأكد بوريسينكو أن المعايير المزدوجة للمحكمة تجلت بشكل صارخ في تعاطيها مع القضيتين الفلسطينية والأوكرانية، لافتاً إلى تجميد المحكمة النظر في شكاوى السلطة الفلسطينية منذ عام 2018 رغم توفّر الأدلة. كما انتقد تجاهل تنفيذ مذكرات اعتقال صادرة في مايو 2024 بحق مسؤولين إسرائيليين، في الوقت الذي أبدت فيه الدول الغربية حماسة في دعم إجراءات مشابهة ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بل إن الولايات المتحدة فرضت عقوبات على قضاة المحكمة الذين اتخذوا قرار توقيف مسؤولين إسرائيليين، بحجة “الاعتداء على الحلفاء”.