ابداعاتخواطر

بعثرات رمال

آية عبده أحمد

 

 

بين أحضان هذا المكان ترعرعتُ، لا أعلم لأيّ حقبة تاريخية أنتمي؟!

وجدتُ نفسي هنا، وتعلّقتُ بكل التفاصيل، تَغيّرتْ الفصول والأيام والأعوام وما زلتُ كما أنا.

 

ليتني كنت حرباء؛ لأتلون، أو فصلًا من فصول السنة ينتهي دوري بمدة مؤقتة، لكني خلقتُ جبلًا، أَوَيَعلم العالم ماذا تُخبئ الجبال في قلوبها؟!

أجل، نحن لنا قلوب.

 

 

منذ عشرة أعوام جاء رجلًا مفطور القلب، أقسم لي أنه يعشقني، ثم في أوج حزني وأنيني، حين سيطر الإكتئاب عليّ مضى كأنه لم يعرفني قط، أختار تلك اللحظة تحديدًا، لم يمد يده نحوي، رحل دون أن يلتفت أو يحن أو حتى تلويحة وداع.

 

أما اليوم ها أنا أقوى حبات رمال متماسكة، أقمتُ انهياري على أكمل وجه، وأحرقتُ صفحات تلك الذكرى، وحفظتُ قلبي في مكان خفي عن الأنظار، حتى لا تطاله يد اللصوص، ثم تعلمتُ الكثير من الأشياء.

 

 زارتني العديد من الكثبان الرملية، واكتشفتُ أنني تحفة فنية، وبالفعل أصبح الناس يقصدونني من كل صوب وحدب، منهم الشعراء والكُتّاب والعلماء وغيرهم.

أصبح لي مكانًا في رواية حقَّقَت عددًا قياسيًّا في المبيعات، وقصيدة كُتِبَت لي خصيصًا، ورمالي سافرت على هيئة ساعات رملية لبلدان كثيرة حول العالم، يتسائل الجميع:

إنه جبل، لكن أمامه شاهد قبر مكتوب عليه:

“هنا قبر فتاة تحوّلتْ إلى جبل، لم ينتبه لحزنها البشر، فجاءت الرمال؛ لتحتويها بعد موتها”.

 

ما حدث هو أن قبل ثلاث سنوات بدأت رحلة التغيير، كانت شابة صغيرة في مقتبل العشرينيات، دُفِنَت روحها، وتحول جسدها إلى حبات رمال، وأصبحتْ جماد بعد أن كانت كلها حياة، وهذا هو سر أسطورة ذلك الجبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!