ابداعات

تحقيق

سيدي أنا مُتهم بأنني قد أضعت هويتي في الحرب 

لكنني أملك دليل بأنني 

لا أضمر الموت للبلاد

تشهد حقيبتي الجلدية أنني عانقتها وبكيت قُرب الموت 

بيننا سنتمترين وجُثة في طور الطفولة 

يشهد ديوان الشعر، والقلم المخطط، وعلبة الدخان، والكحل الذي نسيته امرأةٌ ما

حين داهمها رزاز الحزن

حين جاعت لبلاد

تُقدم في العشاء طبقاً من الحرية 

وكوبِ من نبيذ

 

سيدي

إسمي وطن، وأبي يُناديني الغريب 

ينطقه ملعثمًا، وكأن أحرفه مفتقة في الجوانب

لأنني في طفولتي 

عشقت مُدرستي الجريئة 

حين نسيت فُتحت بلوزتها 

ونسينا نحن

أنا وجاري في المقعد الخشبي عمرنا 

وسِرنا بالنظرات حتى بلغنا عمر نوح عليه السلام 

ولأنني فضلت أن أتأمل القطط الصغيرة وعراكها حول الفتات 

بدلاً عن ألعاب الصبا

وعشقت قصة سندريلا، أكثر من الناقة التي ولجت في جبلٍ ما 

و عبثت بي خطوات جارتي 

أكثر من نزالي في الشوارع

ولأنني منذ الطفولة

أخاف النافذة الخشبية، وصوت الريح عند الفجر 

والطلقات 

 

وأمي تُناديني الشيوعي 

منذ رأيتُ أيدي عمي، تمتد نحو النهر، تخبئ رمله 

تسرق بساتين،

وتبيع عرق مُزارعين القريةِ التحتية 

للكرش الموظف

في شرايين الصغار 

وقلتُ له بأنك لص 

وتحملت أن أُحرم من الدراجة والتلفاز 

ولأنني 

رفضت بيع جواربي لاشتري خبزًا وبعض الورد 

فالقطن ملكي

والأرض ملكي

وحبيبتي تحتاج قلبي، وحزنه أكثر من الازهار 

 

يا سيدي 

هل تعرف اشجار اللبخ؟

أقراءت تاريخ الزنوج بأرض كوش

أرايت أمك تجمع خيوط الشمس، تنسج كوب شايك؟

امسحت رأس أختك، في الإمتحانات النهائية 

هي الحالمة أن تكون طبيبةٌ في ذات يوم 

أاخبرتها 

من أي ناحية اُصيب نشيدنا الوطني؟

أجُرحت مثلنا بالحبيبة، وشربت كأسًا وذوبت مثله في الدُوار 

أرقصت في عُرس أصدقاءك 

أركبت جانب امرأة في الحافلة، وصنعت في فوضى بداخلك حديثًا تافها حول التأخر، أو فاتورة الرحلة

وفتحت بابًا للحديث، وانتهيتم في حديقة 

تُلونان النهر، وتنشدان للماء اغنية الأبد

أرأيت في النهر أي شيء طافح، أعشاب، مساءآت جيدة

قصاصات، بعض النسيم

أي شيء 

قبل أن تقتاله رصاصة عمياء 

هو والمدينة 

والبلد؟

لما تلومني إن فعلت لأنني 

قد قُلت يكفيني كل هذا الموت 

يكفيني 

ما رأيت من الزبد

 

يا سيدي :

بالامس رأيت حبيبتي تبكي 

أتعرف ما يعني ذلك

يعني أن آخر وردة في البلاد 

تزوجت بالشتاء 

فأي ربيع ننتظر ؟

 

سجل أنني شاعر 

وذلك يكفي لكي تقول أنا ضد حربك 

فانا الصديق الأزلي 

للقتلى 

و شريعتي الازهار

ودرست شعر الماء، ولون الريح، وتاريخ حرب الليل والعشاق 

ودونت أسماء الطِعان الموسمية للنهر 

و دربت اطفال حينا الشعبي، كيف يقبلون ايادي فجرهم السعيد

ورعيت في مرعى النهارات الثقيلة 

قُطعان حزني والحبيبة 

وصادقت بائعات القهوة خضنا حديثنا حول التسلط، والجنود الزيف، وحول رأي الله في سرقة الايام من جيب الصغار 

أتهمني 

أنا من طعنت النحلة قصاصًا للزهور ( فالطعنة تلزم طعنة)

انا من فتحت القفص للريح 

حين احتجزتها في درابزين بنكك الوطني

واطلقت حزن الباعة المتجولين ليصرخوا في بيت شعري كما يشاءون.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!