ابداعات

.. حين هبطت كوكب الأرض

 

✍️ بقلم/انتصار عمار

 

وعدتك أن أبقى، أحيا لك، أنتظر يومًا ألقاك فيه بعالمي، كنت على عهدي لك باقية، لم تر عيناي سواك، ما حييت عمري إلا لك.

 

 أنت من تمنيت، أنت من بخيالي رسمت، وفي وجداني عشت، وبقلبي سكنت، كنت أراك دون أن ألقاك، أسمعك دون أن تتحدث، أسير معك دربًا فرشته كله لأجلك ورودًا، دون أن تأتي.

 

 ظللت أحلم بيوم التلاق، يوم تتلاقى أعيننا، ويحتضن شوقي قلبينا، عشت بخيالي كل حياتي لك يا ملاكي، وانتظرت بك عمرًا آت ، كي ألقى السعادة بين يديك، وأستنشق عطر الياسمين بأنفاسك.

 

تبقى لي أبدًا ،وأحيا داخلك أبدًا، لا دنيا تأخذني منك، ولا رحيل يبعدني عنك،

لكن لا أدر ماذا جرى!

ماذا صار! وكيف كان!

 

يومًا كنت بدربي، وإذ بي تطأ قدماي كوكب الأرض، ولا أدر ما الذي أتي بي إلى هناك؟ قابلني، قابلته ، وكان الطريق مظلمًا للغاية، لكنه كان هو الوحيد من يملك المصباح الذي أضاء ليَّ الطريق، ومد إليَّ

يديه ليعبر بي بعيدًا عن هذا الطريق المظلم، ولا أعرف كيف انسابت يدايَّ مني، واحتضنت يديه؟

 

سمعت نبضات قلبه تحدثني جواره، كذبت إحساسي، حتى تعثرت قدماي بالطريق، لإنشغالي بالتفكير فيما يحدث، وإذ به ينهض بي كي أقف، وتلتقي عيني بعينيه، أحسست حينها وكأن قلبي قد هجر سكناه، هجر ما بين أضلعي، وانساب من بين نظراته، ليدور بيننا أحاديث سمر، لا تعيها سوى العينين.

 

ظلت عينه تروي لعيني قصة هواه، وكأنما خلقت له من قبل اللقاء، وكأن هواه خُط بجبيني، ما كنت أقوى على مشاركته الحديث، ما كنت أقوى تبادل أطرافه.

 

بالكاد كنت أحاول أستعيد أنفاسي التي

انسابت مع أول لقاء في عينيه، وألملم حروفي التي تبعثرت وسط حلو كلامه،

أحببته، وأحببت دربي معه، تمنيت لو يطول دربي، ولا يقصر، ولا ينتهي، تمنيت ألا ينقضي الليل، ولا يأتيني النهار، فيبعده عني.

 

عشقت الليل في عيونه، توسلت لساعاته ألا تذهب، ولا تهرول ، ظل لأجلي،

لكن سرعان ما انقضى الليل، وبزغ أول خيط ليعلن ضوء النهار، وما وجدته جانبي، ظللت أبحث عنه، سألت عنه الليل وهو يلملم أنجمه ويرحل، ما دلني عليه.

 

أين ذهب؟ ولم رحل! لم تركني بعد أن وجدته! لم أفلت يديه من يدي بعد أن شد عليها؟

 

لم غادر ومعه قلبي! لم هجر بعد أن سلب روحي!

 

أكان حلم هذا؟ لكن كيف؟ 

رأيته، قابلته، تحدثنا، تسامرنا، لا أستطيع نسيان أول لقاء جمع بين أعيننا، كذلك لمسة يديه حينما احتضن يديَّ

لا؛ مستحيل كان حلمًا، أحببته، تمنيته،عشقت به الدرب مهما كان شاقًا. كانت سلوتي حديثه، إن كان حلمًا

فلم هبطت كوكب الأرض؟ لم ساقه القدر إليَّ !

 

لم تلاقينا؟ لم حدثتني نبضات قلبه؟

لم حاكتني عيناه؟ لم آسر قلبي!

و بعد أن عشقت الليل، أصبحت أخافه، صرت أخشى عتمته،

صرت أخشى الحياة بكوكب الأرض، والسير بدروبها.

 

تُرى هل أخطأت حين هويت؟

أم حين نقضت العهد مع ملاكي!

أم أخطأت حين هبطت كوكب الأرض؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!