✍️ يوحنا عزمي
لا يبدو واضحاً ، حتى الآن ، ما الذي تنوي إيران التفاوض عليه مع الولايات المتحدة في الجولة السادسة من المحادثات التي من المزمع عقدها خلال أيام في العاصمة العُمانية مسقط. فبعد كل ما حدث من غدر أمريكي ـ كما تراه طهران ـ واستغلال واشنطن للجولات السابقة في تمرير أجنداتها ، ثم مفاجأتها لإيران بحرب شاملة شنتها إسرائيل ، أعقبتها الضربة الأمريكية الأشد بتدمير منشآت نووية عميقة عبر أسلحة خارقة للتحصينات ، يحق لنا
أن نتساءل : ما الذي تبقى على طاولة المفاوضات؟
البرنامج النووي الإيراني ، الذي تقول إدارة ترامب السابقة إنها نجحت في تدميره أو تجميده لسنوات ، لم يعد – بحسب التصريحات الأمريكية ـ يشكل تهديدًا وشيكًا.
فالمخزون من اليورانيوم عالي التخصيب تم استنزافه ، والمنشآت النووية تحت الأرض لم تعد صالحة للعمل. ومع ذلك ، ما تزال واشنطن وتل أبيب تثيران الجدل والخوف من “النووي الإيراني” وكأنه لا يزال في أوج نشاطه. فهل هناك ما يُخفى عن أعيننا؟
أم أن ما يجري هو مجرد جولة جديدة من الابتزاز السياسي بأسم الأمن الإقليمي؟
الأكثر إثارة للدهشة هو تراجع إيران عن مواقفها المتشددة الأخيرة، وعلى رأسها قرار تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتهديدها الجدي بالانسحاب من معاهدة منع الانتشار النووي.
كل هذا بدا مفهوماً في حينه ، خاصة بعد اتهامات طهران المباشرة لمدير الوكالة ، رافاييل غروسي ، بالتجسس لصالح واشنطن وتل أبيب. فما الذي تغيّر الآن حتى تعود طهران وتسمح مجددًا للوكالة بمزاولة عملها؟ وهل جاء هذا التراجع استجابة لضغوط أمريكية مباشرة أم أنه جزء من تكتيك تفاوضي جديد؟
السؤال الجوهري الذي يُطرح هنا : ما الذي ستفتش عنه الوكالة الدولية في إيران ، إذا كان البرنامج النووي قد دُمر فعلياً كما تدعي واشنطن؟
من الواضح أن الخطاب الرسمي الإيراني يعاني من التناقض، بل يصل في بعض الأحيان إلى التناقض الفج بين التصريحات، مما يصعب على المراقبين التمييز بين ما هو موقف دعائي وإعلامي، وما يعكس حقاً سياسة الدولة الإيرانية. وبين الحرب النفسية المتبادلة ، والتصريحات المتضاربة ، يصبح من العسير بناء تصور واقعي لمآلات هذه الجولة الجديدة من المفاوضات.
فهل ما زالت هناك أوراق سرية في يد إيران؟
أم أن طهران رضخت لضغوط عسكرية وسياسية لا تستطيع مقاومتها؟ وهل باتت مفاوضات مسقط مجرد مسرح دبلوماسي لإعادة إنتاج الفشل .. ولكن هذه المرة تحت أنقاض منشآت نووية كانت ذات يوم مصدر فخر وقوة؟