ابداعات

بين زمنين

 

منة اللّٰه عتمان 

 

في زحمة الحاضر، كثيرًا ما نُفاجأ بأننا لا نعيش فيه تمامًا،

كأننا نُجبر أحيانًا على العودة إلى ماضٍ لم يعد يخصنا، لكنه لا يتوقف عن المطالبة بنا،

نعود إليه في لحظاتٍ جميلة نتمنى لو امتدت، وكأن الزمن كان حينها أكثر رحمة.

 

نُحيي اللحظات الجميلة في ذاكرتنا لا لنُبدد الحاضر، بل لنتشبث بما يمنحنا شعورًا بالاكتمال، حتى لو للحظة، شعورًا بالحياة وسط صراعات الحاضر وتخوفات المستقبل، نتمنى لو أننا نعيش تلك اللحظات مرة أخرى.

 

لكن الماضي لا يمنحنا الجمال فقط.

هناك ذكريات تأتي بثقلها، تتسلل من الظلال، تبتسم بخداع، ثم تمزقنا بصمت،

نحسبها قد بادت، لكنها لم تمت،

تسكننا كأشباح ترتدي أثواب الحنين، لكنها لا تفعل سوى أن تُعيدنا إلى حيث نزفنا أول مرة.

 

وهكذا، نمضي بين زمنين:

زمن نعيش فيه ولا نشعر بالانتماء إليه، وزمن نشتاق إليه رغم ما خلف فينا من شقوق،

وفي هذا التيه، نُدرك أن الذاكرة لا تُنسى، وأن القلب لا يتقن العيش إلا على أطراف ما كان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!