ابداعات

“بدايةٌ كحكايةٍ خيالية”

المهند إسلام

 

كاختلافِ الشمسِ والقمرِ تقابلا،

وكأنها نهايةُ العالم،

لكنّ العالمَ لن ينتهي حتى تنتهي قصتُهما.

 

نظرتْ إلى المرآةِ لتتأكّدَ من أنّ كلَّ شيءٍ متكامل،

شفاهٌ بلونِ كرزٍ تمادى في الفتنة،

فستانٌ أخذَ من الليلِ زُرقتَه،

ومن زهرةِ الأقحوانِ لونَها،

ليصنعَ منها قصيدةً مثالية.

شعرٌ أسودُ بأمواجٍ تُحاكي طبيعتَها الهوجاء،

برائحةٍ مالحة،

إثرَ سباحةٍ ليلية.

 

“أحيا لأُحبَّك،

وأعشقُ أنّني أُحبُّك…”

تُدندن لألحان “لانا”،

بينما تقودُ سيارةً بلونٍ أحمرَ قاتم،

ذاهبةً لتحظى بشروقٍ لبدايةِ حكايةٍ خيالية.

 

نزَلَ من درّاجتِه النارية،

“كروزر” لونُها كلونِ جلدِ سترته،

بنّيٌّ قاتم.

تلمعُ عيناهُ في الضوءِ الخافتِ بلونٍ عسلي،

شعرٌ مبعثرٌ إثرَ الهواء،

أسودُ، بأمواجٍ بُندقيّة.

 

توجّهتْ ناحيَةَ المقهى،

بعدما ترجّلتْ عن سيّارتِها،

ذهبتْ لتأخذَ فنجانًا عميقًا من القهوةِ السوداءِ؛

كانت ليلةً مزدحمة،

بالنسبةٍ لفتاةٍ رياضيّة،

وحانَ وقتُ الراحةِ قبل النوم،

وإرخاءِ العقل،

إلا أن العقلَ ثملَ بشكلٍ آخر.

 

توجّه نحو المقهى،

يحملُ في يدهِ كتابَه الصباحي،

“يوميّات سيلفيا بلاث” كان.

دخلَ المقهى ليُلاحظَ هالةً بُرْجُنْدية،

تنبعثُ منها.

 

كان عقلُها غارقًا في سوادِ ما بداخلِ كوبِها،

حتّى تلوّنَ عقلُها بلونٍ عسليّ،

إثرَ تلك العينَينِ الناظرتَينِ إليها.

 

“كوبٌ من القهوةِ المثلّجة، من فضلك.”

كان كلُّ ما قاله للموظّفِ أمامَه،

بينما عيناهُ ما زالتا تنظرانِ إليها.

 

أخذَ قهوتَه ذاتَ السحبِ البنيّةِ الباردة،

وجلسَ على كرسيِّ المقهى المرتفع،

بجانبِها.

 

لم يتحدّثا،

فقد باحتْ أعينُهما بكلِّ شيء.

 

باحتْ عيناها عن إعجابِها بهذا الفتى الصباحي،

الغارقِ في عوالمَ لا يراها سواه،

وحياةِ أشخاصٍ لم يبقَ أحدهم على قيدِ الحياة.

 

هاوٍ للفنِّ كان،

من موسيقى الجاز إلى مسرحيّاتِ شكسبير.

كاتبٌ،

ك”جين أوستن” في عصرِها،

ومتفائلٌ،

كالشمسِ في إشراقِها.

 

باحَ قلبُه بنبضةٍ عن اهتمامِه بتلكَ الفتاة،

تلك الهالةِ العِنابيةِ الهوجاء.

عاشقةٌ للسباحةِ هي،

مدرّبةُ كرةِ سلّةٍ محترفة،

ك”مَاجيك جونسون” في عصرِه،

جميلةٌ،

لكنْ غامضة،

كضوءِ القمرِ في ليلِه.

 

لو أنّه رآها في وقتٍ سابق،

لنظرَ نظرةَ كراهية؛ من شدّةِ الاختلاف.

 

وهكذا بدأتِ النهاية،

بدأتْ قصّةُ حبٍّ لا ترى سوى البداية.

 

بدأ الشمسُ والقمرُ يلتقيان،

يوميًّا،

في نفسِ الساعة،

عند نفسِ المقهى،

على نفسِ المقعد،

مع تلاشي الليل،

وطلوعِ النهار.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!