آلاء شعبان
في زحمة الحياة وانشغالاتها، بدأت الروابط الأسرية تفقد وهجها، وانطفأت مشاعر كانت يومََا من أنقى ما في الوجود.
لم تعد بيوتنا كما عهدناها صوت الضحك تراجع، وملامح الحنان بهتت، حتى الإخوة الذين كنا نرى فيهم سنداً باتوا أحيانًا أول مصدر للخذلان.
المؤلم أن العلاقات التي يفترض أن تكون الأمتن والأقرب باتت مشوبة بالغيرة والأنانية والخصام على أتفه الأسباب: شاحن هاتف، قطعة ملابس، نظرة عابرة، أو حتى كلمة قيلت بلا قصد.
يمر يوم كامل دون كلمة طيبة أو حضن دافئ، وتغلق الأبواب بين الأخوة وكأنهم غرباء تحت سقف واحد.
ما أثقل شعور الإنسان حين يحتاج حضن أخيه، فلا يجده، حين يمتلئ قلبه بما لا يقال، ويبحث عمن يشاركه حزنه فلا يرى إلا جدران الصمت واللامبالاة.
رغم أن الأخ – في حقيقته – ليس فقط من يشاركنا الجينات واللقب، بل من يمسح دمعنا إذا بكينا، ويضحك من قلوبنا حين ننسى معنى الفرح، ويقول لنا في لحظة انكسار: “أنا معك، لا تبتئس، حين قال نبي الله يوسف لأخيه: { إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ).
كانت تلك الجملة بمثابة حياة جديدة تُسكب في قلب منهك، فقد كل شيء، حتى الأمان، ليست المسألة في مجرد كلمات، بل في حضور، واحتواء، وطمأنينة لا تشترى.
أحيانًا، يكون أغلى ما يفعله الأخ أو الأخت هو أن يشعر بك، أن يقرأ حزنك دون أن تنطق، أن يجلس بجوارك دون سبب، أن يربت على كتفك في صمت، فيكون حضوره أبلغ من ألف حوار، ولكن أين كل ذلك اليوم؟
كم من إخوة يتعاملون بعداوة مقنعة، أو ببرود قاتل أو بغياب لا تبرره المسافات؟ كم من شخص بات يرى في أصدقائه غرباء أقرب إلى قلبه من إخوة أنجبهم ذات الرحم؟
وكم من بيت غاب عنه دفء الأخوة، فبات أشبه بمكان إقامة لا بملاذ حب؟
هناك من عاش طوال حياته محروما من أخ يحتضنه، يثق به، يحميه حين ينهار، ويشاركه همه دون أن يخذله