✍️ بقلم : يوحنا عزمي
“كيف تكلم آدم سميث قبل 250 سنة وكأنه يحاور أزماتنا اليوم”
أنا شخصياً عمري ما كنت متوقع إن كتاب اقتصادي قديم زي ثروة الأمم يهزني من جوه. دخلت عليه وكنت متخيله مجرد أرقام ومعادلات ، لكن لقيتني قدام رحلة بتتكلم عن الإنسان نفسه .. عن شغفه ، عن طموحه ، عن مصلحته ، وعن إزاي ممكن الأنانية الفردية ـ اللي في العادة بنشوفها سلبية ـ تتحول لقوة تصنع نهضة شعوب كاملة.
آدم سميث ماكانش عايش في برج عاجي. كان شايف إن الدولة مش عدو للسوق ولا بديل عنه ، بالعكس .. دورها أساسي : أمن ، قضاء ، تعليم ، وبنية تحتية. لكن في نفس الوقت كان صريح : لو الدولة مسكت السوق من رقبته هتقتله. المنافسة هي الأكسجين اللي بيخلي أي اقتصاد يتنفس.
وأنا بقلب الصفحات كنت أسأل نفسي .. ليه في دول قامت من تحت الصفر وبقت قوة عالمية ، ودول تانية ـ رغم كل الإمكانيات ـ فضلت واقفة مكانها؟
هل الحرية الاقتصادية كفاية؟
ولا لازم تدخل الدولة يوازن الكفة؟
سميث كان بيتكلم عن الثروة كقدرة على الإنتاج مش كرصيد في البنك. عن إن كل إنسان لما يلاقي مكانه الطبيعي ويبدع فيه ، بيتحول جهده الفردي لنهضة جماعية.
تخيل!! .. من 250 سنة وهو شايف قدام .. كأنه بيكلمنا النهارده.
اللي شدني كمان إن مبادئه لسه عايشة حوالينا
🔹 تقسيم العمل = التخصص. في زمن الذكاء الاصطناعي كل واحد له دور محدد ، ولما الأدوار تتكامل بيطلع الإبداع.
🔹 اليد الخفية = الابتكار. سيب الناس تسعى لمصلحتها ، وهتشوف إزاي المجتمع كله يستفيد من وراهم.
🔹 دور الدولة = التوازن. مش ديكتاتورية تقتل المنافسة ، ولا فوضى تخرب السوق.
🔹 العمل = أصل الثروة. والاستثمار في العقول أهم من أي ذهب أو بترول.
بص حواليك : كوريا الجنوبية ، سنغافورة .. دول صغيرة في الحجم ، لكن طبقت مبادئ شبيهة جداً باللي اتكلم عنها سميث. ركزت على التعليم ، على البنية التحتية ، وفتحت الباب للمنافسة … وكانت النتيجة معجزة اقتصادية.
لكن السؤال : هل ينفع ناخد أفكاره زي ما هي ونطبقها دلوقتي؟ لأ طبعا. الزمن اتغير.
النهارده إحنا في عصر عولمة ، أي أزمة صغيرة في دولة بعيدة ممكن تهز العالم كله. عندنا فجوة اجتماعية بقت أكبر وأخطر. عندنا تكنولوجيا واقتصاد مبني على بيانات وشركات عابرة للقارات ماكانش حد يتخيلها.
يعني ببساطة : آدم سميث ادانا “مفاتيح” لكن إحنا محتاجين نفتح بيها أبواب جديدة تناسب عصرنا.
هل إحنا بنستغل طاقاتنا وقدراتنا فعلاً ؟ ولا لسه واقفين في الطابور بنتفرج على غيرنا وهما بيجروا قدام؟
“ثروة الأمم” مش مجرد كتاب قديم … هو جرس إنذار وصوت بيقولنا : المستقبل مش هيستنى حد.
وفي الآخر .. السؤال الحقيقي مش عن آدم سميث ولا عن كتابه ، السؤال عنا إحنا :
هل عندنا الشجاعة نفتح عيوننا ونستغل طاقاتنا زي ما عملت الأمم اللي سبقتنا؟
ولا هنفضل نتفرج ونقول “الظروف مش مساعدانا ؟
يمكن يكون الوقت جه إننا نسأل نفسنا بصراحة
إحنا عايزين نكون فين بعد 10 سنين؟
وهل هنفضل نحلم ، ولا هنبدأ نتحرك؟