ابداعات

من المنفى

آية عبده أحمد 

 

 

  في أحد الأيام أصبحت بلادي منفى، منذ يومها وأعلنتْ الحياة أن بإمكان الأوطان أن تأخذ دور الوطن والمنفى في آنٍ واحد.

 

 

 

  في إحدى بقاع الأرض، هنا في هذا المكان، أقصد أرض النيل تحديدًا، من هول الصدمة جفّت دموع الغيوم، تناوب الصباح والمساء في تهدئة أنين الجميع ولم يُفلحَا.

 

 

 

  تتلافح الأرواح كأنها تتسابق مَن يصل السماء أولًا؟

 والبقية يمضون أيامهم في رتابة بانتظار أن يأتي دورهم.

 

 

 

هنا في هذه البلاد، كل الملامح باهتة، لا شيء سوى الأحزان التي تتوالى وتنهال بكثرة، حتى القذائف تنوح، والرصاص يبكي قبل أن يستقر في جسد الشهداء.

 

 

 

أما الناس، فتتعالى ضحكاتهم، ويستقبلون الموت ببسالة غريبة، ويتقبّلون الواقع الأليم بصبرٍ مُهيب، فالمنفى يكون آمنًا إذا كان وطنًا، أو أرضًا يجري فيها النيل مثلًا.

 

 

 

تمر الليالي ببطء كأنها حلم، أو فيلم تراجيدي وسريالي في ذات الوقت، ويظل الجميع يردد:

“فجر الخَلَاص قَرَّب”، وما زلنا بانتظار ذلك الصباح المنشود، لكننا على يقين بأن معجزة ما ستحدث وننجو، كمعجزات ديسمبر المجيدة.

 

 

 

 هنا في قلب إفريقيا، طال أمد فصل الخريف، فالمطر ما زال يهطل منذ أكثر من عام، والعواصف تغدر أحيانًا بالسُّكان، أما الرعد فيسقط معلنًا بصوته الجهور سقوط الكثير من الضحايا.

 

 

 

 نعلم جيدًا أن السودان لا يزوره الربيع، لكن هذه المرة نحن بحاجة إليه، أما حان الوقت لنودّع الرصاص عفوًا أقصد قطرات المطر؟!

 

 

 

في ساحة الحرب، حتى الهدوء يبدو مُرعِبًا، كأنك في سجن لكنك بكامل حريتك، هنا لكل شيء موعد، في هذا المنفى -الوطن- حتى لو فاضت روحك إلى بارئها بعد السادسة مساء، ستظل جثتك تنتظر الشمس؛ لتتوارى تحت التراب.

 

 

 

تطالع ما يحدث في الأخبار، وفي الشارع أمامك، وفي مقاطع الفيديوهات المتداولة، ثم تعود بخيبة أمل للمكان الذي تسكن فيه، حتى لو كان منزلك ستراه غريبًا، أضحى كل شيء باهتًا، تنام وأنت تتساءل:

سيكون اليوم التالي هادئًا أم مزعجًا؟

هل سأعيش يومًا إضافيًا؟

متى سأرتاح؟

وتنام دون أن تشعر بشيء من فرط التعب.

 

 

للبلاد التي أخذت دور الوطن والمنفى:

رغم كل شيء إلا أننا غارقون في حبك، عسى أن ينتهي كل هذا البؤس في القريب العاجل.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!