فن

خالد هنو.. ريشة سكندرية ترسم الحلم وتوثّق الذاكرة

كتبت: سلمى سعيد

 

في قلب مدينة الإسكندرية، حيث تختلط رائحة البحر بروح الفن، وتُولد الحكايات على جدران الزمن، التقينا بالفنان التشكيلي السكندري خالد هنو، أحد أبرز الأسماء في الساحة الفنية، وصاحب الريشة التي لا تزال ترسم الشوارع والحواري والذكريات، بروح عاشق لا يملّ الحلم.

بدأت رحلته مع الرسم في سن مبكرة جدًا، حيث قال: “من وأنا في أولى ابتدائي كنت برسم، أهلي كانوا دايمًا يحطولي ورق وأقلام رصاص وشمع، وأقعد أرسم بيهم. وفي رابعة ابتدائي كنت مسؤول عن جريدة الحائط في المدرسة، وقتها كانت المديرة اسمها فاطمة، وكلّفتني بجريدة الحائط عن معاهدة كامب ديفيد، وفعلاً جبت صور الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وكارتر وبيجن، وقصيتهم وعملت بيهم المجلة… ومن بعدها دخلت كلية الفنون الجميلة.”

 

 

وعن علاقته بمدينة الإسكندرية، التي تُعد بطلة أغلب أعماله الفنية، قال: “أنا فنان سكندري، اتولدت واتربيت في الإسكندرية، المدينة دي ليها طابع خاص جدًا، وهي من أجمل مدن العالم، فكان طبيعي جدًا إنها تأثر عليّ وعلى شغلي. في فنانين ممكن يتأثروا بالمدن بشكل غير مباشر، لكن أنا اتأثرت بيها بشكل مباشر تمامًا. حلمي من ٤٠ سنة كان إني أرسم الإسكندرية كلها، بدأت بلوحة، ودلوقتي بقوا 112 لوحة.”

وعن أقرب لوحاته إلى قلبه، أجاب بابتسامة هادئة: “كل لوحاتي بحبها، وكل واحدة ليها حالتها، بس دايمًا اللوحة الأخيرة هي الأحب لقلبي، بحس إني حطيت فيها كل خبرتي، كأنها مولود جديد.”

وعندما سألناه عن الفنانين الذين كان شغوفًا بهم، قال: “كتير جدًا… سواء مصريين أو عالميين. من بره مصر كنت بحب الفنان الفرنسي تولوز لوتريك، ونيجاه، وهوجان، وفي فنان فرنسي اسمه إدوارد كورتس، كان بيرسم باريس، وأنا شايف إن شغلي قريب منه. وكمان بحب روبنس جدًا. أما على مستوى مصر، فكنت متأثر جدًا بيوسف كامل، ومحمود سعيد، وكامل مصطفى.”

سألناه: هل في وقت معين بتحس فيه إنك ممكن تطلع فيه حاجة قوية؟ فرد ببساطة صادقة: “لا… مفيش وقت معين. زمان كانوا بيقولوا الإلهام، وكنّا ما بنصدقش، لكن طلع حقيقي. الفكرة بتجي فجأة، ومش لازم وقت ولا طقوس، ممكن الصبح، ممكن بالليل، أهم حاجة إني ألحقها حتى لو بسكتش صغير.”

وعن المعارض التي شارك فيها، أكد أنه شارك في عدد لا يُحصى من المعارض الجماعية والخاصة، وقال: “كنت زمان بعدّ المعارض، لكن من كترهم بطلت أعد. أول معرض ليا كان سنة 1989 أو 1990، وده كان مختلف جدًا لأنه كان أول خطوة حقيقية ليا، لكن عمومًا كل المعارض بتكون تجارب بتضيف للفنان.”

وعن جديده، كشف هنو عن لوحة جديدة يعمل عليها حاليًا، قائلاً: “أنا برسم دلوقتي اللوحة رقم 113، رقم غريب شوية، والقدر خلى الموضوع ييجي كده، اللوحة دي عن لوكاندة الأحمر في منطقة المكس، ووراها قصص كتير… وقدرها إنها تبقى رقم 113.”

خالد هنو ليس مجرد فنان، بل هو شاهد على مدينته، مؤرخ بالألوان، وعاشق يُخلد الأماكن قبل أن يطويها النسيان. في لوحاته، تعيش الإسكندرية من جديد، بزحامها وهدوئها، ببحرها وناسها، بحنينها العتيق وروحها الحرة. فنه حالة بصرية وإنسانية لا تُنسى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!