لُجين سامح
عزيزِي.
أكتبُ إليكَ، وأنا أجهل صوتكَ، ملامحكَ، عاداتكَ، وطريقتكَ في الغضب..
أشكل صورة كاملة عنكَ في ذهني، رجلٌ بهيئةِ ظلّ، صوتهُ نوتة موسيقية، وملامحهُ ترسمُ خيوط الحياة.
ربما نلتقي يومًا ما في الحافلة في روما، في يومٍ مشمسٍ عند بائع حلوى في برشلونة، في رحلةٍ صيفيّة إلى جزيرة مهجورة، أو تحت المطر في يومٍ قارس في ريف جبليّ، لا أعلم حقيقةَ الساعة التي سأنظرُ فيها إلى عينيك، وأشعرُ بأن.. صوت عقلي توقّف، الزمن، الأشخاص، المكان.
لا أعلم أهي ساعة ظهيرة، أم ليلةً باردة.. أعود فيها وأنا أحمل قلبي على يديّ، وادثره بملائةٍ مثقوبة.
لا أعلم.. أسأكون ما أنا عليهِ الآن، حرّةً ترغبُ في الطيران، أم ساكنةً تجلس في ركن بعيد من الحياة..
خاوية مُتعبة، أم أحصدُ أمنياتِي بعد أن انقضى أجل الصبر!
لكن دعني أخبركَ الآن عني، عن ما كنتهُ، والذكرى التي ستجعل مني الشخص الذي تحبه، ربما اصادف رسالتي تلك بعد أعوام، ابتسم وأخبركَ.. أنك كنت حاضرًا دائمًا، حتى في خضمِ عدمك.
أحيانًا أكون قاسيةً تمامًا، أو هشّةً كورقة، لذا عاملني في كلّ الأحوال كأنني ورقة، زجاجٌ قابل للكسر.
أحلمُ بالحرية، بالعيش بعيدًا، بكسرِ القفص الذي شكلته العادات والمجتمع
أرغب في أن أكون طيرًا، يحطُّ على أي أرضٍ شاء، عند قدمي عجوز، أو طفل صغير، أو أم ثكلى، جندي هارب، حبيبين، أو فتاة انفصلت للتو.
لذا أكتب، عن كل ما سافرت من أجلهم، كل من رأيتهم بعينِ الحُبّ، وكل من مقتّهم وأبغضتهم
-جميعهم من نسج خيالي- لكنني متأكدة تمامًا أنهم حقيقيون
مثلي تمامًا؛ لأنك مثلهم أو على الأقل في الوقت الحالي-.
عِدني أنك ستسمعُ قصصِي، عن الحياة والفن والكتب التي قرأت، عني، عن ذكرياتي، التاريخ والأحلام، الأغنيات والصمت.
عدني أننا سنتشاركُ هول الحياة بابتسامة، أننا سنرتحل .. سنصعدُ الجبال، ونتخطى الأنهار، وننصهرُ مع الطبيعة، مع الناس، مع الحُبّ.
عدني أنك لن تكون تقليديًا، لن تكون مريعًا، أو روتينيًا فظًّا..
أنك ستُبقي على الطفلة في صدري، دون خدشٍ.. دون ندبة، دون خوفٍ أو فزع.
أنك ستحبنّي، بكل ما أوتيتَ من شعور.
أنك ستقاسمني التعب، وحكايات الشفاء، المدفأة والقهوة، الكتب والمطر، والأغنيات.. والرقص على أوتار الحياة.