مقالات

سوريا في دوامة الفوضي والعنف بين الدكتاتورية والطائفية

✍️ يوحنا عزمي 

سوريا إلي أين في ظل ما يجري فيها من أحداث مهمة وتحولات سياسية خطيرة وغير مسبوقة بالنظر إلي ما تطرحه تلك التحولات من احتمالات وكذلك في ما تثيره من تكهنات وتوقعات

وإذا كان لما وقع أخيراً في الساحل السوري من تجاوزات وفظائع وانتهاكات وقع الزلزال لبشاعتها ، فهل يمكن تحميل نظام الحكم الحالي بالمسئولية الكاملة عنها ام ان هناك قوي وايد خفية في الداخل والخارج كانت وراءها حتي لا تهدأ الأحوال في سوريا ولا تستقر ، ولتغرق كغيرها في دوامة الفوضي والعنف والصراع ؟.

قدر لي ان أطلع اليوم من مصدرين مختلفين علي بعض التفاصيل عن حقيقة ما جري في مدن الساحل السوري من أحداث عنف مفرط كان يمكن ان تغرق سوريا كلها في حمام من الدم وان تدفع بها علي طريق المجهول.

التقرير الأول جاء تحت عنوان فارون علويون إلي لبنان يتحدثون عن مخاوفهم من النظام الحالي في سوريا ، وهو من إعداد كارين طربية مراسلة بي بي سي نيوز عربي في بيروت .. وهو تقرير طويل وحافل بالتفاصيل التي لا تتحملها الأعصاب حول موجة العنف الدموي المفرط التي ضربت مدن الساحل السوري ، وهي الموجة التي تجاوزت في وحشيتها وهمجيتها كل الحدود والمعايير الانسانية ، وجعلت سكانها يطالبون بالحماية الدولية لهم لانقاذهم من هذا الجحيم الذي يعيشونه من العذاب والخوف والمعاناة .. في ظل إستمرار الأعمال الانتقامية من نظام الحكم السابق عن خطاياه التي لا ذنب لهم فيها.

وعلي نفس الشاكلة جاء مقال الأستاذ هاني عسل في جريدة الأهرام اليوم الأربعاء تحت عنوان سيناريو الرعب السوري ، وهو تقرير مخيف عن الأهوال التي عاشها الساحل السوري في الأيام الأخيرة ، والتي فاقت الحدود في عدم انسانيتها وبربريتها .. ولا اعرف من أين استقي مادتها ولا ما هي مصادره التي رجع إليها واعتمد عليها في ذكره لكل هذه المشاهد الصادمة والمروعة وفي مجتمع عربي لم يكن هذا المستوي من العنف المفرط احدي سماته.

وتكاد التقارير المتواترة عن أحداث الساحل السوري تجمع علي ان من بدأ سيناريو الرعب والقتل العشوائي وغير الرحيم للمدنيين من أطفال ونساء وشباب بلا تمييز هم فلول النظام البائد ربما بدعم وتحريض من الخارج في معركة يائسة أخيرة جمعوا لها ، علي أمل إستعادة سابق ما كان لهم من سطوة ونفوذ.

وايا ما كانت الحقيقة حول من كان البادئ بتفجير هذه الموجة الجارفة من العنف الوحشي في مدن الساحل السوري ، فإن الأمر الذي لا خلاف عليه في رأيي هو ان هذا التيار من العنف والذي قد لا تكون هذه نهايته هو الإفراز الطبيعي والحتمي لعاملين أساسيين اجتمعا معا في الحالة السورية ..

وهما الدكتاتورية المستبدة والمتوحشة التي كان نظام الأسد وانفراده بالحكم زهاء نصف قرن عنوانا لها وبكل ما اقترن بهذا النظام المستبد من تجاوزات وانتهاكات وممارسات قامت علي تكميم الأفواه وقمع الحريات والتنكيل بالمعارضين السياسيين ، والزج بهم في السجون والمعتقلات.

وثانيهما هو الطائفية اللعينة بسمومها الخبيثة وبامرضها القاتلة المعروفة عنها ، سواء كانت طائفية دينية او مذهبية او مناطقية او عرقية والتي كانت الطائفة العلوية التي تنتمي إليها أسرة الأسد ابرز واسوأ عناوينها .. واجتماع الدكتاتورية والطائفية في توليفة حكم واحدة كان لابد وان يجلب معه كل هدا الخراب والدمار لمجتمع كان يوما وديعا ومسالما ومفعما بالحيوية والنشاط وحب الحياة .. وكان من انضج الشعوب العربية فكرا ومن اكثرها وعيا سياسيا وكان يضرب به المثل ، إلي ان ابتلي بالدكتاتورية التي اخمدته وغيرت له معالمه وافقدته طبيعته ووصلت به إلي هذا الحال الذي يرثي له من التفكك والانقسام وجعلته مرتعا للتدخلات الخارجية وبؤرة للتطرف والإرهاب.

اما عن ماذا سوف يحمله المستقبل القريب لسوريا وشعبها بفعل هذا الميراث الثقيل من الدكتاتورية والطائفية ، فإن هذا يبقي في علم الله وحده وليس أمامنا سوي ان ننتظر إلي ان ينجلي كل هذا الضباب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!