مقالات

داعش يعود إلى الواجهة .. تهديد حقيقي أم فزاعة سياسية؟

✍️ يوحنا عزمي 

رغم مرور سنوات على دحر تنظيم داعش الإرهابي عسكرياً في العراق ، ما تزال أسئلة جوهرية تطرح نفسها بإلحاح : هل لا يزال هذا التنظيم يشكل تهديداً فعلياً لأمن العراق؟

وهل خطره اليوم بحجم يستدعي الإبقاء على الوجود العسكري الأميركي داخل الأراضي العراقية ، تحت مبرر الدعم اللوجستي والأمني الذي لا غنى عنه؟

إن الحكومة العراقية التي نكن لها كامل الاحترام ، مطالبة بإجابة صريحة على هذا السؤال الجوهري : هل ما زالت قدرات الجيش العراقي غير كافية لتحصين البلاد من خطر داعش؟

وإذا لم يكن كذلك ، فما مبرر إستمرار القواعد الأميركية ، لا سيما في ظل التصريحات العراقية المتكررة عن تطور القدرات الدفاعية والسيطرة على زمام الأمور ميدانياً؟

في السياق نفسه ، جاءت دعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لعقد مؤتمر أمني إقليمي خماسي لمناقشة “الخطر الداعشي”، لتفتح أبواب الاستفهام مجدداً : هل فعلاً هذا الخطر يتصاعد الآن؟

أم أن في الأمر أبعاداً سياسية أخرى؟ وهل هذه المبادرة التركية نابعة من مخاوف حقيقية ، أم أنها ترجمة لرغبة أميركية في إحياء الحديث عن “تهديد الإرهاب” لتبرير أدوار عسكرية إقليمية متجددة؟

السؤال الأهم : لماذا العراق دون سواه من دول المنطقة هو المستهدف الأبرز من نشاط داعش الإرهابي؟

هل لأن قادة التنظيم ينتمون للعراق؟ أم لأن البيئة العراقية ، بطبيعتها الطائفية والسياسية المعقدة ، ما زالت قابلة للاختراق؟

أم أن الاحتلال الأميركي السابق ، وما ترتب عليه من فراغات أمنية وشرخ اجتماعي ، وفر الأرض الخصبة لعودة الفكر المتطرف؟

كلها احتمالات تُلقي بظلالها على المشهد العراقي ، وتستدعي من الجهات الأمنية موقفاً أكثر شفافية ، يضع الرأي العام المحلي والعربي أمام حقيقة الوضع : هل خطر داعش حقيقي أم مبالغ فيه؟

وهل يُستخدم كذريعة لتمديد التواجد الأميركي وتخفيف الضغط الإيراني على الحكومة العراقية ؟ ومتى سنصل إلى مرحلة الثقة الكاملة بالقدرة الذاتية للدولة العراقية على حماية أراضيها دون وصاية أجنبية؟

الأدهى أن تنظيم داعش لا يُذكر اليوم إلا نادراً في تقارير أمنية تخص دولاً كإيران، أو تركيا، أو مصر، أو السعودية، أو دول المغرب العربي. فلماذا يظل العراق وحده في قلب العاصفة، ما لم تكن هناك ظروف غير معلنة تُبقي هذا الملف مفتوحاً؟

إنها تساؤلات مشروعة ، ومفتوحة ، بحاجة إلى أجوبة واضحة لا تكتفي بالشعارات ، بل تتطلب مكاشفة سياسية وأمنية مع الشعب العراقي ، ومع كل المهتمين باستقرار هذه المنطقة التي أنهكتها الحروب والتدخلات الأجنبية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!