مقالات

تقرير الوكالة الذرية المنتظر .. والتصعيد الإسرائيلي تجاه إيران

✍️ يوحنا عزمي 

من المرتقب أن تصدر الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا في التاسع من يونيو المقبل ، تقريرًا بالغ الأهمية والحساسية بشأن مستوى التقدم في أنشطة التخصيب النووي داخل المفاعلات الإيرانية ، وخاصة ما يتعلق ببلوغ نسب عالية قد تؤهلها لإنتاج سلاح نووي في المستقبل القريب. تقرير كهذا قد تستخدمه إسرائيل كذريعة لشن حرب باتت واضحة الاستعدادات لها ضد إيران.

وفي تطور لافت ، سربت وزارة الخارجية النمساوية تقريرًا منسوبًا لأجهزتها الاستخباراتية يزعم أن إيران تسير بخطى متسارعة نحو تصنيع قنبلة نووية.

هذا التسريب أثار غضب طهران ، التي اتهمت النمسا بمحاولة تقويض المفاوضات الجارية حاليًا مع الولايات المتحدة بهدف التوصل إلى اتفاق نووي جديد.

إيران شككت في مصداقية التقرير ووصفته بالمفبرك ، مطالبة بالكشف عن مصادره ، في حين التزمت فيينا الصمت ، ما زاد المشهد ارتباكًا وغموضًا.

اللافت أن توقيت هذا التقرير المخابراتي النمساوي يثير علامات استفهام بشأن الجهة التي تقف وراء تسريبه ، وهل كانت إسرائيل ، بدعم من قوى نافذة في النمسا، تسعى لاستباق تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية بطرح رواية إعلامية تسبق نتائج التقرير الرسمي، بهدف إحراج الوكالة والضغط عليها ، خصوصًا أن النمسا تعتبر دولة محايدة وتحظى بمكانة دولية معتبرة. ومع ذلك، فإن الأثر الإعلامي والسياسي لهذا التقرير قد تحقق، وأحدث دوياً في أوساط الرأي العام الدولي.

ورغم أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يزال يراهن على مفاوضاته مع إيران ، وقد أشار إلى اقتراب التوصل إلى اتفاق نووي جديد يرضي الطرفين ، فإن الموقف الإسرائيلي يبدو مختلفًا تمامًا.

فإسرائيل لا ترى في الملف النووي الإيراني سوى جزء من المشكلة، إذ تعتبر أن التهديد الأكبر يكمن في أذرع إيران المسلحة المنتشرة في المنطقة – من حزب الله في لبنان، إلى الميليشيات الشيعية في العراق ، مرورًا بالحوثيين في اليمن. وعلى الرغم من نجاحها النسبي في توجيه ضربات لتلك الأذرع في غزة ولبنان وسوريا ، فإن القيادة الإسرائيلية ترى أن القضاء التام على هذا الخطر لن يتحقق إلا بضرب “رأس الأفعى”، أي إيران نفسها.

من هذا المنطلق، تعتقد إسرائيل أن الحل الوحيد لضمان أمنها يكمن في تدمير القدرة الإيرانية على جميع المستويات، وليس فقط النووية، مع استمرار عزل طهران وتشديد العقوبات الاقتصادية عليها.

وعلى عكس واشنطن ، التي تفصل بين التهديد النووي والوجود الإيراني الإقليمي، تعيش إسرائيل تحت وطأة التهديد الإيراني بشكل مباشر ، وتبرر بذلك اندفاعها نحو الحرب مهما كانت كلفتها ، التي تختلف تقديراتها وتبقى موضع جدل بين الخبراء العسكريين والاستراتيجيين، خصوصًا في ظل الغموض بشأن مدى قدرة طهران على الرد والانتقام.

وفي سياق متصل ، تشير تسريبات إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة لمدة ستين يومًا – وهو المقترح الذي وافقت عليه إسرائيل ولم تصدر حماس بعد موقفًا رسميًا بشأنه – قد يكون جزءًا من ترتيبات إسرائيلية تمهّد لشن هجوم واسع على إيران.

تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي عززت هذا الاحتمال، في ظل تصاعد الحشود العسكرية، وتدفّق الأسلحة الأمريكية عبر جسر جوي مستمر إلى القواعد الإسرائيلية ، وتكثيف المناورات، واستدعاء الاحتياط ، والمشاورات المستمرة داخل المجموعة الأمنية المصغرة المسؤولة عن اتخاذ قرار الحرب.

كل المؤشرات تؤكد أن قرار الحرب ضد إيران قد اتُخذ بالفعل ، ولم يعد سوى مسألة توقيت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!