ابداعات

“كورنيليا”

المُهنّد إسلام

 

يروى أنه في العصر الجمهوري المتأخر في روما القديمة، 

كانت هناك امرأة جميلة،

بمكانة رفيعة،

 وأمٌّ لثلاثة أطفال،

 توفيّ زوجها،

ميتةً هادئة،

تاركًا لها ولدين وابنة لترعاهم.

 

 

لم يذكر أن تلك الأم تزوجت مجددًا،

رغم عدد الذين تقدموا لها،

رغم أنها بجمالِ قهوة الصباح مع حلول الفجر،

رغمَ أنها كانت بنعومة نومٍ عميق بعد يومٍ مزدحم،

رغمَ أن كل المجوهرات تناسب رقة ولون يدها،

إلّا أنها لم تجد الشخص المنشود الذي يليق بمكانتها،

وقررت أن تكرس حياتها لرعاية أطفالها.

 

في يومٍ..

 أتت إليها جارتها،

تتباهى في حليها،

تتباهى واضعة بعض أدوات التجميل الخفيفة،

لتعكس فضيلتها.

جائتها تريها زينتها وحليها،

لتأخذ في المقابل بعض أخبار هذه الأرملة الجميلة،

إلا أن تلك الأرملة بالرغم من طيبتها،

جلّت حقيقتها،

لكنها ظلّت تستمع إليها بقلبها الذي يسع الجميع،

وحين انتهت من التباهي سألت الجارة “كورنيليا”،

“ماذا عنك؟ أعرضي جواهرك!”،

صمتت “كورنيليا” هنيهة،

وشاهدت أولادها في تأمل:

ابنتها مرتدية عقدُ أمها الذهبي،

تعبثُ في صندوق الجواهر الخاص بها،

وابنيها متزينون بملابس بضوء الشمس في لونها،

الكبير يمسك بيدِ أخيه في مروءة،

بينما الصغير ينظرُ حوله في بلاده.

ثم أجابت مبتسمة،

“هؤلاء هم جواهري”.

 

كانت هذه قصة لوحة “كورنيليا”،

رسمتها “أنجليكا كافمان”،

وربما كانت قصة لوحتكِ،

أمي،

نحتتها “الحياة”.

 

كنتِ ومازلتِ “كورنيليا” عصرنا،

على الرغم من كوني الإبن الأوحد،

إلا أنكِ دومًا تبذلين مجهود ثلاثة أبناء،

تكنزين جواهرك داخلي،

تحولين ليليَّ البارد إلى النهار الدافئ،

بابتسامة منكِ،

وتجعلين كل لمسة حنونة إلى قطعه ذهبية،

ولوحة فنية،

تعرض في المتاحف الدولية،

لتلهمي في يومٍ من الأيام،

ولدٌ حالم،

يتطلع لكتابة إهداءٍ إلى أمه.

 

دمتِ دومًا،

“كورنيليا”.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!