مقالات

إسرائيل تبدأ خطوات هدم الأقصى : الحقيقة التي تجاهلتها وسائل الإعلام

✍️ يوحنا عزمي

الخطوات الخفية لهدم المسجد الأقصى : كيف بدأت إسرائيل تنفيذ أخطر مشروع في تاريخ الصراع العربي – الإسرائيلي؟

على مدار الأيام الماضية ، حدثت تطورات بالغة الخطورة لم تأخذ حقها من التغطية الإعلامية ، سواء في الصحافة العربية أو حتى الغربية. هذه التطورات – التي قد تبدو في ظاهرها مجرد طقوس دينية أو مشروعات أثرية – تخفي وراءها أخطر مؤامرة تُحاك ضد المسجد الأقصى ، بل وضد هوية القدس نفسها.

أول هذه الخطوات كان المشهد الذي لم يتوقف عنده أحد : وزير الخارجية الأمريكي بنفسه يشارك في افتتاح ما سُمي بـ “طريق الحجاج”، وهو نفق يمر أسفل أساسات المسجد الأقصى وصولًا إلى حائط البراق. خطوة بدت في الإعلام كحدث بروتوكولي ، لكنها في حقيقتها إعلان رسمي ببدء تهويد القدس ، واعتبار الأقصى ليس مسجداً إسلامياً بل أرضا يهودية مقدسة.

ثانيها : سلسلة الاقتحامات التي تكررت خلال الأسابيع الماضية لباحات الأقصى ، لم تكن مجرد “استفزازات روتينية”، بل جاءت لتدشين لحظة خطيرة : نفخ بوق “الشوفار” داخل المسجد الأقصى للمرة الأولى.

هذا البوق في العقيدة اليهودية ليس آلة موسيقية عابرة ، بل إعلان رمزي بالسيادة ، ورسالة تقول بوضوح : “الأقصى لم يعد مسجدًا، بل الهيكل الثالث لليهود”.

من هنا يبدأ البحث الاستقصائي : كيف تحول “بوق الشوفار” من أداة طقسية دينية في التاريخ العبري القديم ، إلى رمز سياسي تستعمله إسرائيل اليوم لفرض سيادتها على القدس؟

ولماذا يعتبر نفخه داخل الأقصى إعلانًا فعلياً بنهاية المسجد وبداية مشروع الهيكل الثالث؟

لنعود قليلًا إلى الوراء ..

الشوفار – المصنوع من قرن كبش – ورد ذكره في التوراة باعتباره أداة للطقوس الكبرى : بداية الأعياد ، إعلان الحرب ، أو إعلان الانتصار. عبر التاريخ ، كان صوته يمثل “زمناً جديداً”، تماماً كما يمثل الأذان في الوعي الإسلامي لحظة دخول وقت الصلاة.

في العصر الحديث ، استعادت إسرائيل هذا الرمز وحولته إلى “سلاح سياسي” :

بعد العدوان الثلاثي 1956، نفخ الحاخام العسكري “شلومو جورين” في الشوفار فوق جبل سيناء ، وكأن الأرض أصبحت “يهودية”.

بعد حرب 1967 واحتلال القدس الشرقية ، وقف نفس الحاخام عند حائط البراق ونفخ البوق ، لتوثق الكاميرات اللحظة كإعلان عن “تحرير القدس” من المسلمين ، على حد زعمهم.

ومنذ ذلك الحين صار النفخ في الشوفار طقساً سياسياً بامتياز ، يُمارس في “عيد الاستقلال” – يوم النكبة للفلسطينيين.

لكن ما حدث مؤخراً داخل المسجد الأقصى نفسه يتجاوز كل ذلك.

فالمتطرفون اليهود الذين نفخوا البوق هناك ، يعلنون بداية “مرحلة جديدة” من زمنهم الديني : مرحلة لا مكان فيها للأقصى كرمز إسلامي ، بل كهيكل يهودي يجب أن يُبنى.

والهيكل الثالث – في عقيدتهم – ليس مجرد معبد ، بل هو “شرط الخلاص” و”عودة المسيح المخلص”. مكانه المحدد : موقع المسجد الأقصى وقبة الصخرة بالضبط. بمعنى آخر : الطريق إلى الهيكل لا يمر إلا عبر هدم الأقصى.

هنا تتقاطع الرمزية مع السياسة

وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو ، حين شارك في افتتاح “طريق الحجاج”، لم يكن مجرد ضيف شرف. هذا المشروع – الممتد من سلوان الفلسطينية حتى باحات الأقصى – يمثل إعادة إحياء “طريق حج يهودي” عمره ألفا عام.

مشاركته فيه رسالة واضحة : واشنطن تعترف بأن القدس تحت السيادة الإسرائيلية الكاملة ، وأن الأقصى ليس سوى جزء من “التراث اليهودي”.

ولا تنسوا تصريح نتنياهو أثناء الافتتاح : “القدس مدينتنا ، وليست مدينتكم ، ولن تُقسم مرة أخرى”. كلمات ليست بروتوكولية ، بل إعلان نوايا صريح بأن مشروع الهيكل الثالث دخل حيز التنفيذ الفعلي ، تحت غطاء أمريكي كامل.

الخلاصة إذن :

نفخ الشوفار داخل الأقصى ليس طقساً دينياً بل إعلاناً عن نهاية المسجد.

“طريق الحجاج” ليس مجرد مشروع أثري ، بل خطوة عملية نحو تهويد القدس.

تصريحات نتنياهو وأمريكا تضع العالم الإسلامي أمام حقيقة صادمة : المخطط الذي كان يُدار سراً منذ عقود ، صار اليوم يجري علناً ، دون خوف أو حساب.

والسؤال الذي يبقى معلقاً : هل ستستيقظ الأمة العربية والإسلامية لتواجه الخطر الداهم قبل أن نصحو في يوم قريب ، ونجد الأقصى وقد مُسح من الوجود؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!