مقالات

23 ألف وثيقة تهز أمريكا : أسرار إبستين تُسقط الأقنعة عن زعماء العالم

✍️ يوحنا عزمي

في اللحظة دي بالذات ، أمريكا كلها بتغلي ، والإعلام شايف نفسه واقف قدام بركان بيفور ومحدش قادر يتوقع امتى ولا إزاي هينفجر. فجأة تظهر تسريبات بحجم زلزال سياسي، أكتر من 23 ألف وثيقة سرية تم سحبها من قلب لجنة في الكونجرس ، وثائق تخص أرشيف الملياردير الأمريكي جيفري إبستين ، الراجل اللي اسمه لوحده كفيل إنه يفتح باب جحيم على كل اللي ارتبطوا بيه. الرجل اللي أمتلك جزيرة كاملة مخصصة للاستغلال الجنسي للقُصر ، واللي العالم كله كان عارف إنه محاط بشبكة من العلاقات والقذارة والشر ، لكن محدش كان متخيل إن اللي جوا الوثائق دي ممكن يتخطى كل حدود الانحطاط.

ومهما حاولت تتخيل مدى بشاعة اللي جوا الرسايل دي ، هتفضل أقل بكتير من الحقيقة. لأن اللي اتكشف مش مجرد فضائح شخصية ، ده عالم كامل من السلوكيات اللي تثير الاشمئزاز لدرجة تخليك تعيد النظر في فكرة السلطة نفسها، وفي نوعية البشر اللي بيحكموا العالم. ووسط كل ده ، ولإن مفيش فضيحة سياسية في أمريكا من غير ما يكون ترامب جزء منها، عدد من الوثائق بيلمح ليه بشكل مباشر، وده فتح باب جدل مستعر في واشنطن.

أول حاجة خرجت للنور كانت رسالة بخط إيد إبستين سنة 2011، رسالة بيحكي فيها إن ترامب قضى ساعات طويلة في بيته في الجزيرة ، وبالتحديد مع واحدة من البنات اللي اتعرضوا للاستغلال. الرسالة بتوحي بشكل واضح إن ترامب ماكنش مجرد ضيف عابر ، ولا واحد جه مرة ومشي ، لكن شخص كان فاهم كويس جداً طبيعة اللي بيحصل هناك.

وده طبعًا بيصطدم مع الرواية اللي بيكررها ترامب دايماً إنه كان مجرد معرفة سطحية بإبستين ، وإنه “مش كان بيحبه”. لكن الوثائق بتدي صورة مختلفة خالص ، صورة بتخلي الإنكار أقرب للتهريج.

وبين الورق اللي اتسرب كمان ظهر اسم توم باراك ، رجل الأعمال المقرب من ترامب ، واللي لعب أدوار دبلوماسية   في تركيا وسوريا ولبنان. الراجل اللي عمل نفسه نموذج للدبلوماسية الراقية ، واللي وصف العرب سابقًا بكلمة منحطة قدام الكاميرات ، اتفضح له إيميل من إبستين بيطلب منه صورة “مع الطفل”، وبيختمها بجملة “إجعلني أبتسم”. الجملة وحدها كافية إنها ترسم خط كامل من الرعب وتفتح باب كبير عن احتمالات سلوكيات بيدوفيلية، واللي لو اتأكدت ، هتقلب عالم السياسة الأمريكي فوق تحت.

لكن القنبلة الحقيقية كانت رسالة بتلمح لشيء ممكن يقلب العلاقات الدولية نفسها. وثيقة بتقول إن بوتين ، رئيس روسيا ، ماسك على ترامب صور وهو في أوضاع جنسية شاذة مع الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون. فكرة إن رئيس روسيا ممكن يمتلك مواد ابتزازية بالشكل ده على رئيس أمريكي سابق ورئيس أمريكي حالي ، ده لوحده سيناريو كابوسي ، ولو اتأكد ، هيبقى أكبر فضيحة سياسية من أيام الحرب الباردة.

خلال يومين بس ، الدنيا اتقلبت. الإعلام شغال على أعلى سرعة، الجمهوريين في حالة دفاع هستيري، والديمقراطيين شايفين إن الفرصة جاية لحد عندهم. ترامب رفع قضايا على كل مؤسسة إعلامية بتتكلم في الموضوع ، وبيقول إن التسريبات مفبركة ، وإنها جزء من خطة الحزب الديمقراطي لتشويهه . لكن الحقيقة إن محدش عارف صحة الكلام ولا لأ ، خصوصاً إننا لسه بنتعامل مع جزء صغير جدًا من جبل جليد ضخم ، واللي ممكن يكون جواه حاجات أخطر بكتير.

ووسط كل ده ، السؤال اللي بيفرض نفسه : لو الجزء الصغير ده بس قادر يعمل كل الضوضاء دي ، أومال الحقيقة الكاملة اللي مستخبية جوه آلاف الوثائق التانية شكلها هيكون إيه؟

خصوصاً إن قضية إبستين نفسها محفوفة بالشكوك. الراجل اتقتل – أو “انتحر” زي ما بيقولوا – في زنزانته في ظروف كلها ريحة تستر وتصفية حسابات.

والأخطر إن دلوقتي في مشروع قانون داخل الكونجرس لإجبار وزارة العدل إنها تكشف كل ملفات إبستين من غير ما تشيل ورقة واحدة. القانون اسمه “شفافية ملفات إبستين”، ولو اتوافق عليه ، أمريكا كلها هتترمي فجأة في وش كمية من الفضائح اللي ممكن تغير شكل السياسة الغربية كلها، لأن إبستين كان ماسك بلاوي على سياسيين ، ورجال استخبارات ، ورؤساء دول ، وفي تقارير بتقول إنه كان بيشتغل مع الموساد في عمليات “Honeypot”، وهي عمليات مخصصة لاصطياد أقوى وأكبر الشخصيات عن طريق الإيقاع الجنسي والسيطرة عليهم بالفضائح.

والشيء الغريب إن التصويت على القانون ده هيتم رغمًا عن رئيس المجلس مايك جونسون ، واللي شايف إن فتح الملف ده دلوقتي هيولع الحزب الجمهوري من جوه. وفي ناس بتقول إن اللي بيحصل هو مجرد محاولة ابتزاز سياسي ضخمة ، وإن إسرائيل نفسها بتضغط على ترامب والجمهوريين بكل الطرق عشان ينفذوا أجندتها في غزة، وإن التسريبات دي مجرد رسالة واضحة : “لو ما سمعتوش الكلام .. كله هيتفتح”.

وبين كل ده ، العالم واقف مستني يشوف مين هيقع أول واحد ، ومين هيتلعن تاني ، ومين هيطلع اسمه فجأة في وسط العاصفة. لأن اللي ظهر مجرد البداية ، ومافيش حد عارف النهاية شكلها هيكون عامل إزاي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!