✍️ يوحنا عزمي
تفسيري لمطالبات حماس المتكررة لحكومة نتنياهو بوقف الحرب علي غزة والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية إليها حتي يمكن إعادة المحتجزين الإسرائيليين لديها ، هو ان قادة حماس المقيمين في الدوحة واقعون تحت ضغط متزايد عليهم من قبل الوسيط القطري بسرعة الإفراج عن هؤلاء المحتجزين لانقاذ غزة من المزيد من أعمال الإبادة والتدمير.
ولا اعتقد ان ذلك سوف يقابله إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية علي قاعدة الكل مقابل الكل ، وهو الشرط الذي كانت حماس تصر عليه من قبل وظلت متمسكة به ، باعتبار أنه كان دافعها الأساسي من وراء اطلاقها لعملية طوفان الأقصي في السابع من اكتوبر الماضي. وهو شرط لم اكن اتصور ان حكومة نتنياهو سوف تقبل به علي الإطلاق لأنه سوف يعني إنهيار الائتلاف الحاكم وسقوط نتنياهو من موقعه كرئيس للوزراء.
واعتقادي هو أنه فور الإفراج عن الرهائن الاسرائيليين ، فإن حكومة نتنياهو سوف تجد نفسها وقد تحررت من الضغوط الداخلية العنيفة عليها بشأن هذه القضية التي تشغل الرأي العام الإسرائيلي ، وسوف تواصل حربها علي غزة بوتيرة اعنف واشد لتحقيق ما يصفه نتنياهو بالنصر المطلق في هده الحرب ، وقد يتطور الموقف بصورة اسوأ بكثير مما قد يكون وارداً في حسابات قادة حماس ، او الوسطاء القطريين حول ما يجري التفاوض حاليا عليه داخل الغرف المغلقة تحت الضغوط الأمريكية المتزايدة.
الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين لن يكون ضمانا للتهدئة وتراجع العنف وتوقف عمليات الإبادة الجماعية التي تجري للفلسطينيين في غزة علي قدم وساق ، والموقف يبدو معقدا إلي ابعد الحدود والتنبؤ بطبيعة المرحلة المقبلة من تطور هذه الحرب قد يكون أمراً من الصعوبة بمكان .. وحماس واقعة في مأزق كبير وفاتورة الدم الفلسطيني اصبحت مرعبة وتنذر بآلاف الضحايا الجدد في دوامة لن تنتهي .. وكل الطرق نحو الخروج من هذا المآزق القاتل تبدو مسدودة بلا مبالغة .. وهو ما يرغم حماس علي تخفيف شروطها دون ان يلقي هذا التحول الجديد في موقفها تجاوبا لدي الحكومة الإسرائيلية.
وفي غياب موقف عربي جماعي قوي ومؤثر يمكن الضغط به على نتنياهو لارغامه علي التوقف ومراجعة حساباته التي يتحرك بها في هذه الحرب التي هي الأعنف والاطول منذ قيام إسرائيل في عام ١٩٤٨ ، فإن آلة الحرب الإسرائيلية سوف تستمر في دورانها بشراستها المعهودة مدعومة بصفقات الأسلحة الأمريكية الجديدة لحكومة المتطرفين في تل ابيب ، وهو ما يعني عمليا المزيد من الإبادة والدمار لغزة التي تدور حولها كل رهاناتهم الآن .. والمضي في هذا الطريق حتي نهايته سواء بالافراج عن رهائنهم او بدونه وهو ما يؤكده نتنياهو في جميع تصريحاته من ان الحرب سوف تمتد وتطول إلي ان تحقق الأهداف الموضوعة لها بلا مهادنة او تنازل او مساومة او هذا ما يعنيه بتشدده وباصراره علي موقفه الرافض لوقف إطلاق النار لاعتبارات إنسانية او غير إنسانية دفاعا عن وجود إسرائيل كما يردد باستمرار ويقدم به قضيته إلي العالم وعموما ، فإنه مع حكومة عنصرية متطرفة ومتوحشة إلي هذا الحد فإن الاسوأ قد يكون هو القادم إلينا منهم .. وكان الله في عون غزة وشعبها علي ما هم فيه من كرب وابتلاء فقد تحملوا ما لا يتحمله بشر.