مقالات

حماس بين المطرقة والسندان : الإنذار الأمريكي والإسرائيلي يضع المنظمة أمام خيارات صعبة

✍️ يوحنا عزمي 

إنذار ترامب الأخير لحماس جاء متجاوزاً لشروط ومراحل إتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين حماس وإسرائيل ، فهو يطالبها بإطلاق سراح كل الرهائن المحتجزين لديها بحلول يوم السبت القادم ، وإلا فإنه سوف يفتح عليها وعلي غزة أبواب الجحيم ، وهو ما درج علي التهديد به طول الوقت وظل متمسكا به ولم يحاول التراجع عنه.

وعلى الفور أيدت حكومة نتنياهو الأمنية المصغرة انذاره ، وليتحول بذلك الإتفاق من شرط الإفراج عن ثلاثة رهائن فقط إلي الإفراج عن كل المحتجزين ، وإلا فإنها ستتخلي عن إتفاق وقف إطلاق النار وتستانف القتال في غزة بصورة أعنف واشد لإبادة حماس ومحو كل اثر لها في غزة. وهو ما يعني ان خيارات حماس للرد بها علي تلك الانذارات الأمريكية والإسرائيلية باتت محصورة بين خيارين اثنين لا ثالث لهما وهما : 

اما الرضوخ لها ، وهو ما يعني تراجعها واستسلامها لهذه التهديدات دون ان تكسب شيئا بالمقابل ، او تصميمها علي موقفها وهو ما سوف يعني انتقاما هائلا من غزة وشعبها بلا حدود ، وهو خيار ينسجم مع طبيعة الخطط والمشاريع التي تحتضنها الدولتان لتدمير غزة وتحويلها إلي أرض محروقة لا تصلح نهائيا للحياة وهو ما سوف يرغم سكانها كما يخططون علي مغادرتها والرحيل منها إلي غير رجعة كما أعلن ترامب.

قرار حماس ، أيا ما كانت مبرراته ودواعيه ، وضعها في موقف لا تحسد عليه بين المطرقة والسندان ، موقف سوف تدفع غزة كلها ثمنه من دماء وأرواح ابنائها بعد كل ما عانته من دمار هائل ازال لها معظم معالم حياتها وسوف تتوقف مهام الوسطاء ممن كانوا حاضرين مع حماس في المباحثات التي جرت بينها وبين إسرائيل طيلة الفترة الماضية .. وسوف تجد حماس نفسها في مواجهة أمريكا وإسرائيل وحدها وظهرها إلي الحائط بلا اي دور عربي وسيط داعم ومساند لها .. وهذا هو ما اتوقعه واخشاه في مواجهة هذا الطوفان العارم من الضغوط والتهديدات والانذارات الأمريكية والإسرائيلية العنيفة التي لا تترك أمام حماس هامشا كبيرا من القدرة علي المناورة او المساومة.

هذه الخيارات الصعبة والمكلفة بما لم يعد من الممكن إستمرار تحمله والتعامل مع تبعاته وتكاليفه الباهظة ، هو ما أكدت عليه أمس عندما قلت ان هذا القرار من قبل حماس كان يجب ان تسبقه مشاورات وتنسيق علي أعلي مستوي مع مصر اولا للتعرف علي رأيها فيه وموقفها منه بدلا من التورط في إتخاذ قرارات انفعالية خاطئة في توقيتها وفي محتواها.

وهناك من يتربص بغزة ويتحين الفرصة للاجهاز عليها .. لكن هذا لم يحدث وجاء القرار ليزيد الأوضاع سوءا وتعقيدا ولينذر بتحويل غزة من جديد إلي كرة نار سوف تلتهم حياة آلاف الأبرياء ممن لا حول ولا قوة لهم في كل ما يجري لهم ، وتضع المنطقة كلها علي حافة الهاوية.

وسوف نري اي من هذين الخيارين سوف يفرض نفسه علي قيادات حماس خلال اليومين القادمين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!