مقالات

تصعيد العدوان الإسرائيلي على غزة

✍️ يوحنا عزمي 

لقد أصبحت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أكثر تعقيداً وتشعبًا مع مرور الوقت، ومواقف الأطراف المعنية بالأزمة الفلسطينية تتباعد بشكل متسارع، ما يفتح المجال أمام تصعيد العدوان الإسرائيلي بشكل غير مسبوق. بينما تحاول بعض الأطراف الإقليمية والدولية من خلال الوساطة السياسية إيجاد حلول ولو كانت مؤقتة، فإن هناك توجهًا إسرائيليًا يعكس تصميمًا على عدم منح الفلسطينيين أي حقوق فعلية أو أي أمل في إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

مواقف الأطراف المتباينة

على الجانب العربي ، يحاول الوسطاء المصريون وغيرهم من العرب تقديم خطط من أجل إعادة إعمار غزة مع الإبقاء على سكانها فيها. لكن هذه الخطط تواجه عراقيل حقيقية ، أبرزها المواقف الصهيونية التي تسعى إلى إلغاء أي أمل في قيام دولة فلسطينية مستقلة ، بل إنها تحارب من أجل تصفية القضية الفلسطينية بشكل كامل. إسرائيل ، تحت قيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وأعضاء حكومته اليمينية المتطرفة مثل سموتريش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ، أظهرت عنادًا كبيرًا تجاه هذه المحاولات الساعية لإيجاد حلول دائمة، وترى أن استمرار الحرب على غزة هو الطريق إلى تهجير الفلسطينيين والسيطرة على الأراضي بشكل كامل.

الولايات المتحدة وإسرائيل

أما الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس السابق دونالد ترامب فقد أبدت دعمًا غير مشروط لإسرائيل ، مما جعلها تقدم الضوء الأخضر للعدوان الإسرائيلي على غزة. ترامب كان أحد أبرز الشخصيات التي سعت إلى تكريس السياسات الإسرائيلية ، من خلال الترويج لمخططات تهدف إلى إخلاء غزة من سكانها وفرض الهيمنة الإسرائيلية على القطاع. ويُظهر الواقع أن الولايات المتحدة لا تزال تدعم هذا التوجه الصهيوني، بما في ذلك السعي إلى إدارة غزة لصالح مصالح إسرائيل.

حماس والفلسطينيون

من ناحية أخرى ، ترفض حركة حماس أي محاولات لإجبارها على مغادرة غزة، وهي تضع نفسها في قلب المعركة السياسية والعسكرية في القطاع. حماس تتمسك بحقها في إدارة غزة، ولا ترى أن هناك أي إمكانية للمساومة على سلاحها أو تسليم إدارة القطاع للسلطة الفلسطينية في رام الله التي بدورها فقدت مصداقيتها وأصبحت بلا تأثير ملموس. السلطة الوطنية الفلسطينية لم تعد لاعبًا أساسيًا في هذا الصراع، حيث أصبحت مجرد كيان تائه ومفتقر إلى القدرة على التأثير في الوضع الحالي.

الدور الدولي

أما القوى الدولية مثل روسيا والصين والاتحاد الأوروبي ، فإن مواقفها حول الحرب في غزة غالبًا ما تبدو ضعيفة ومحدودة التأثير. تتعامل هذه الأطراف مع الأزمة الفلسطينية بشكل سطحي، فلا تستطيع روسيا أو الصين أو الاتحاد الأوروبي أن يقدموا حلولًا جادة أو أن يكون لهم تأثير حقيقي في الموقف. جميع هذه الأطراف تقف على هامش الصراع ولا تظهر قدرتها على التأثير في إحداث أي تغيير جذري في المسار الحالي للأحداث.

السيناريوهات المستقبلية

بالنسبة للمستقبل ، فإن ما يبدو واضحًا هو أن إسرائيل مصممة على تصعيد حربها ضد غزة من أجل إخلائها من سكانها. العدوان الإسرائيلي لن يتوقف عند حد معين ، بل سيستمر في شكل عمليات إبادة جماعية من خلال الحصار والتجويع والتدمير المنهجي للبنية التحتية في غزة. إذا استمرت هذه السياسة، فإن الفلسطينيين سيواجهون مأساة إنسانية غير مسبوقة، إذ سيعانون من فقدان حرياتهم وأرواحهم وأرضهم في واحدة من أبشع صور الصراع العسكري منذ الحرب العالمية الثانية.

إن الحرب على غزة لا تُظهر أي بوادر للتوقف أو التراجع ، بل هي تتسارع نحو مستويات أكثر تعقيدًا. ومع التباعد المتزايد في المواقف بين الأطراف المعنية، يزداد الوضع الفلسطيني تعقيدًا، ويصبح المستقبل أكثر غموضًا. وبينما تعاني غزة من الحصار والدمار، تبقى آمال الفلسطينيين في تحقيق العدالة والحقوق الفلسطينية قائمة رغم الصعوبات الهائلة التي يواجهونها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!