✍️ يوحنا عزمي
من المرجح أن لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين ، المقرر يوم الجمعة المقبل في ولاية ألاسكا ، سواء بحضور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أو من دونه ، لن يحقق أي اختراق جوهري في مسار الحرب الأوكرانية، سواء نحو حل دائم أو هدنة مؤقتة.
الأرجح أنه سيكون مجرد عرض إعلامي يستفيد منه ترامب أكثر مما يستفيد بوتين ، الذي لم يسع إلى هذا اللقاء ابتداءً ، بل قبله على مضض لامتصاص حالة الاستياء والإحباط التي تسيطر على ترامب بعد سبعة أشهر من الفشل في وقف الحرب أو التوصل لتسوية مقبولة.
بوتين ، الذي يعرف تمامًا كيف يلاعب ترامب ويكبح اندفاعه، سيدخل هذا الاجتماع وهو غير مستعد لتقديم أي تنازلات جوهرية لأوكرانيا. فهو لن يعيد أي أراضٍ ضمها منذ بداية الحرب ، والتي أقرّها كجزء من الأراضي الروسية عبر تعديل دستوري ، مؤكدًا مرارًا تمسكه بهذا الموقف. هدفه في ألاسكا ليس التفاوض حول هذه القضايا الحساسة ، بل طرح مقترح بوقف مؤقت لإطلاق النار مع الإبقاء على الوضع الراهن ، وتأجيل التسوية النهائية إلى مفاوضات مستقبلية قد تمتد لسنوات.
هذا التكتيك يمنح روسيا وقتاً لترسيخ مكاسبها الإقليمية على طريقة “الأمر الواقع”، كما حدث مع شبه جزيرة القرم، إلى أن تتغير الأولويات الأوروبية والناتو مع قدوم قيادات جديدة ذات أجندات مختلفة. في هذه الرؤية البعيدة المدى، يراهن بوتين على أن الحرب الأوكرانية ستتراجع تدريجيًا عن صدارة الاهتمام الدولي ، بينما يكون ترامب قد غادر البيت الأبيض وزيلينسكي قد ترك منصبه.
بوتين يدرك أن عامل الوقت في صالحه ، وأن ترامب مرحلة عابرة ستنتهي سريعًا. لذلك ، يكتفي بمده بجرعات تهدئة محسوبة تُبقيه ضمن حدود آمنة وتحت السيطرة ، حتى يمر الوقت وتُترجم أوراقه الاستراتيجية على الأرض.
هكذا ، يدخل “الدب الروسي” لقاءه المرتقب مع “النمر الأمريكي” وهو يعرف بالضبط ما يريد ، فيما يسعى خصمه إلى انتصار فوري وصاخب قد لا يجده. والأيام المقبلة ستكشف ما إذا كان هذا اللقاء سيضيف شيئًا جديدًا ، أم سيظل مجرد مشهد سياسي عابر.