بقلم – جلال الدين محمد
أخيرًا أتى يوم الأحد، العطلة الأسبوعية في “لندن”. كان الأمر غريبًا بالنسبة لي في البداية عندما هاجرت إلى هنا، كيف أعمل يوم الجمعة واكتفى بإذن مدته ساعة لأداء الصلاة، ثم أعود للعمل؟!
كان هذا العجب منذ تسع سنوات، الآن اعتدت الأمر تمامًا. خططت لكل شيء سوف أنام كما أحب، ثم أذهب لأداء التمارين، وأعود لمشاهدة فيلم بينما أتناول البيتزا اللذيذة. لم أتوقع أن أتذكر موقفًا للسيد عبد القادر في يوم كهذا، دعني أخبرك كيف حدث ذلك.
قطع حبل أفكاري طرقات على باب شقتي، لأجد جاري الهندي “رحمان”، يطلب مني بلكنته الهندية التي تُشبه أداة ثقب في الحائط تشق جمجمتي بدلًا من الحجارة، أن أساعده في نقل أثاث أخته لشقتها الجديدة.
أرغب في صفع نفسي صراحة لأني استشعرت الحرج من الرجل ووافقت، وهكذا ذهبت كل خططي أدراج الرياح، حدقت في الحائط ومع كثرة الشقوق سألته ما إذا كانت أخته تُخطط لإحضار من يقوم بالطلاء، فأخبرني أنها سوف تكتفي بورق الحائط كونه أقل تكلفة.
وهنا أخذتني الذاكرة لليوم الذي كان فيه معاذ صديق طفولتي يقوم بتحضير شقته للزواج، وأخبرني بينما ننزل على السلم أنه سوف يستخدم ورق الحائط كونه رائجًا في ذلك الوقت، ليظهر العم عبد القادر من العدم ويقول، ذلك الديكور المزيف من الحرب العالمية الثانية مازال يُستخدم.
أخبرتكم من قبل أن ثقة العم عبد القادر وطريقته أكبر من أن يتم تجاهلها، فما بالكم وهو يقول ذلك عن طريقة لتزيين الحائط. كاد الفضول يخلع قلب معاذ وهو يسأل كيف ذلك؟
ابتسم الرجل وهو يقول، كان جواسيس بريطانيا العظمى يخدعون مسؤولي ألمانيا النازية أنهم مجرد عمال لتزيين الحوائط، ويقومون بوضع أجهزة تنصت في شقوق الحائط ثم يضعون ورق الحائط بصور “الفوهور” والشعارات النازية فلا يُلاحظ أحد أي شيء، وهكذا انتصرت بريطانيا.
وأنا الذي كنت أظن أن جيوش الحلفاء وتهور “هتلر” هم ما شكلوا العالم كما نعرفه اليوم، اتضح أن سبب هذا كله ديكور مزيف! هكذا انتهى يوم عطلتي مع “رحمان” وذكريات العم عبد القادر، على الأقل قمت بشراء البيتزا للعشاء.