المهند إسلام
“ومتى ظهرتَّ للناظرين بنظرة الزهرة الطاهرة، فكن الحية المختبئة دونها.”
كانت امرأتي مثالًا حيّ للحيّة،
كانت شيطاني الذي لم يخلق،
قريني الذي لم يظهر،
وسواسي الذي قتلته منذ زمن.
قالتها امرأتي ونحن نتخذ أولى خطواتنا للإجرام،
فهكذا بدأ كل المجرمين،
المدمنين.
” ولكن نية القتل هي التي تغشي نظري بآية من سحرها”،
وكان هذا بدايةُ ادماني.
كنّا بوني وكلايند للقرن السابع عشر،
لكننا لم نكن نستمتع بالإجرام والآثام،
بل كانت تلاحقنا..
حتى قتلتنا.
لم نكن نقهقه ضحكًا بعد كل جريمة،
كنا ننزفُ دمًا مزيف.
الخطوة الأولى،
دائمًا ما تكون الأصعب،
ثم يصبح كل شيء سهل،
عدا في قصتي..
أصبح كل شيء أصعب،
بعد قتلي الأول.
حثتني امرأتي على قتل مولاي،
بعدما أكرمني بولاية “كودور”.
حثتني امرأتي على قتل مولاي،
لكي لا يقع في طريقي للإستيلاء على العرش إنسيًا.
بدأ الأمر برؤيتي للساحرات الثلاث،
بعد انتصاري في معركة للوطن،
طالعنني بالمستقبل،
“يا غطريف ولاية جلاميس وسيدها”،
قالت أولاهن،
“يا غطريف ولاية كودور وسيدها”،
قالت الثانية،
“أي مكبث! ستكون ذات يوم ملكًا.” قالت أخراهن.
وقد صدقن القول،
ولكن،
لم يخبرنني بما ستؤول إليه الأمور!
تحققت نبوءتان في نفس ذلك اليوم،
فطمعتُ في الثالثة،
“أتريد أن تملك ما تعده زينة الحياة الدنيا، من غير أن ترقى في خاصة نفسك من مكانة الجبان، الذي يدفعه الأمل،ويمنعه الوجل؟”
حثتني امرأتي على التحرك من أجلها،
تلك النبوءة الثالثة،
الملك ذي الزوجة الماكرة،
وبدأتُ بالذهاب إلى غنيمتي القادمة،
بدلًا من إنتظارها بأيدٍ مقيدة،
والنظر إليها بنظرةٍ جائعه.
لكن هذه المرة ليس بأمر من الملك،
ولا بواجبٍ للمملكة،
بل هو طاعةٌ لرغبةٍ فاسدةٍ في جوفي،
وخوفًا من أن يأخذ نصيبي من المُلك أحدا.
وبعد قتلي للملك،
ظلّت دماؤه عالقة في يدي،
وشمٌ لم يمسحه عقلي،
ودقت امرأتي نفسُ وشمي،
بل ورسم وجهها ابتسامة!،
بينما صرخَ قلبيّ باستغاثة.
“هاتان يداي بلون يديك، لكنني أخجل أن يكون لي قلب كهيابة قلبك.”
هكذا كانت تدفعني للأمام،
بدلًا من التصدي لأفعالي،
ومحاولة أن تجعلنني إنسانًا أفضل،
أو ربما أنا هكذا أتقدم للأفضل بالنسبة لها،
ولإرضاءها..
سأكملُ طريقي حتى أحصل على سعادتها،
بسماتها.
أصبحتُ الملك،
ولم أعش في سعادة كما ظننت،
ذهبتُ إلى جهنم الدنيا،
قبل أن أعذب في الآخرة على آثامي.
قتلتُ بعد الملك كل ما يهدد عدم استقراري على العرش،
قطعتُ رؤوس كل من يقترب طامعًا في مملكة ليست بملكي ولا من حقي،
قواد،
شباب،
عائلات وأسر.
وظلَّ شبحُ كل واحد منهم يزرنني يوميًا،
على كرسي العشاء،
خلفَ الستار في الغرفة،
وأمام عرشي،
وفي غابة مملكتي.
غيرَ أنني ذهبتُ مجددا للساحرات،
أطمئنُ على حياتي،
فأخبرنني ألا أخف،
فليس هناك رجلُ ولدته امرأة يستطيعُ قتلي.
حتى أتى يومٌ،
رأيتُ أشجار الغابة تتحرك،
صوتُ أنفاس غاضبة تدفعها الرياح باتجاهي،
وانقلبت المملكة الغاضبة ضدي،
وقتلنني بطعنةٍ رجل غاضبٌ واحد.
وربما لم يكن أهلُ المملكة من قتلنني،
ربما كان الندمُ في جوفي،
ربما لم يكن هناك ساحرات أو نبوءات،
ربما هي فقط أصواتُ الطمع تحررت بداخلي،
أصواتُ ال”أنا” التي احتلتني بسبب فوزي في المعارك،
والعودة كل يومٍ بغنيمة.
ربما لم أكن متزوجًا،
وكانت “ليدي مكبث” هي فقط نفسي الآمرة بالسوء،
تشعرني بقربها،
تلامسني بيديها،
تهمسُ لي ببراءة في أذني،
بينما أطيعها مسحورًا،
غيرُ عالمًا،
بعواقب الخطوة الأولى،
لبداية الأمور.