أخبار

الشمس تُعيد تحية الملك رمسيس داخل المتحف الكبير

 

كتبت / مريم مصطفى

شهد المتحف المصري الكبير صباح اليوم ظاهرة فريدة من نوعها، حيث أشرقت الشمس على وجه تمثال الملك رمسيس الثاني في بهو المتحف، في تكرار مدهش للظاهرة الفلكية التي تحدث كل عام داخل معبد أبو سمبل في أسوان.

المشهد الذي أعاد للأذهان عبقرية المصري القديم، جاء ليؤكد أن أسرار الحضارة المصرية لا تزال تُدهش العالم، وأن الأحفاد استطاعوا أن يُحيوا واحدة من أعظم لحظات التاريخ، حين تُصافح أشعة الشمس وجه الملك كما فعلت قبل أكثر من 3200 عام.

عبقرية الزمان والمكان

لم يكن الأمر محض صدفة، بل نتاج تصميم معماري وهندسي دقيق داخل المتحف الكبير، يهدف إلى ربط المصريين المعاصرين بجذورهم التاريخية.

فقد تعمّد المهندسون أن يُعيدوا تجسيد ظاهرة تعامد الشمس على وجه رمسيس مرتين كل عام، في يومي 22 أكتوبر و22 فبراير، وهو التزامن نفسه الذي يحدث في معبد أبو سمبل، حيث تتعامد الشمس على وجه الملك والآلهة في قدس الأقداس.

هذا التصميم المعماري يعكس وعيًا حضاريًا متجددًا، يجمع بين التقدير العلمي والفني للتراث، وإحياء الرمزية الروحانية التي ميّزت حضارة المصريين القدماء، الذين اعتبروا أن شروق الشمس على وجه الملك هو رسالة حياة متجددة وخلود أبدي.

بين الفلك والهندسة والخلود

المصريون القدماء لم يتركوا شيئًا للصدفة، فقد استندوا إلى حسابات فلكية دقيقة لتحديد موضع المعبد واتجاهاته، بعد أن اكتشفوا أن الشمس لا تشرق من نفس النقطة طوال العام، بل تتحرك شمالًا وجنوبًا بمعدل ربع درجة يوميًا.

ومن خلال تلك الحسابات، توصلوا إلى الموعد الدقيق الذي تُضيء فيه الشمس وجه الملك مرتين سنويًا، في ظاهرة فلكية خالدة تتكرر منذ آلاف السنين دون انحراف.

واليوم، تتجسد نفس الظاهرة في المتحف المصري الكبير، حيث صُممت فتحة معمارية خاصة في الواجهة لتسمح بدخول أشعة الشمس لتُقبل وجه الملك رمسيس، وكأنها تُجدد له العهد بأن «الشمس لا تغيب عن الملوك العظام».

رمز الخلود والنهضة

رمسيس الثاني، الذي لُقّب بالملك المحارب والبنّاء الأعظم، ترك بصمته في كل ركن من أرض مصر.

واليوم، مع إعادة الظاهرة الفلكية في المتحف الكبير، تتحول كلمته الخالدة «طالما تشرق الشمس ستظل آثاري على وجه الأرض» إلى واقعٍ مشهود، يجمع بين الماضي المجيد والحاضر المتألق.

فالحدث لا يوثق عبقرية الأجداد فحسب، بل يعكس نهضة جديدة في فهم المصريين لتراثهم، وحرصهم على إبقاء رموزهم الخالدة في دائرة الضوء، حرفيًا ومجازيًا.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!