مقالات

حركة ثوار 25 يناير .. الجناح المصري من جبهة النصرة يكشف عن نفسه

✍️ يوحنا عزمي 

كما كان متوقعاً ، أصبحت سوريا الجولاني قاعدة إقليمية لتصدير الإرهاب إلى الدول التي يستهدفها الغرب ، واولها مصر .. فائض من الإرهابيين في سوريا على ضوء حرب اشتعلت منذ 2011 ولا تزال مستمرة بغض النظر عن المسميات.

ظهر شخص يدعي احمد حماد المنصور ، معلناً في تسجيل من سوريا تأسيس ” حركة ثوار 25 يناير” ، تنظيم اسلاموي إرهابي بحت يدعو إلى حمل السلاح ضد المصريين ، واضعاً مسدسه على المنضدة التي يتحدث منها ومن حوله جوقة من الملثمين ، ومن خلفهم علم الحقبة الملكية المصرية.

سارعت الــ BBC Arabic التابعة للمخابرات البريطانية للترويج عن بطلها الجديد ، بالإشارة إلى ان المنصور من مواليد الإسكندرية لأسرة تنتمي إلى محافظة سوهاج، درس في المعهد الثانوي الازهري والتحق بالأكاديمية البحرية في الإسكندرية ، وفى عام 2013 تخندق مع الاسلامجية في بؤرة رابعة المسلحة، بحلول عام 2015 ظهر في سوريا ضمن حركة جديدة – وقتذاك – تدعي “جيش الفتح”، والتي اندمجت مع جبهة النصرة عام 2017 لتشكل جبهة فتح الشام التي تحولت لاحقاً إلى هيئة تحرير الشام.

هكذا انضم المنصور عام 2017 إلى جبهة النصرة ، ولم تسترسل المنصة الإعلامية الاستخباراتية عن سيرة الإرهابي الهارب ما بين عامي 2017 و2025 ، او حتى ماذا فعل في سوريا ما بين عامي 2015 و2017 في صفوف جيش الفتح وما قبلها منذ فض بؤرة رابعة الإرهابية المسلحة.

هاني السباعي القيادي بتنظيم الجهاد المصري ، وحالياً مدير مركز المقريزي للدراسات التاريخية في لندنستان ، اصدر بيان يدعي ان المنصور يعاني من مطاردة يتعرض لها في سوريا على يد عناصر المخابرات المصرية ، وانه يحمل أبو محمد الجولاني مسؤولية سلامة المنصور ، وكشف السباعي في هذا البيان ان المنصور يدير اللجان الالكترونية التي اطلقت صفحات وهاشتاج “جاك الدور يا دكتاتور” التي تنشط عبرها عناصر تنظيم الإخوان سواء التنظيم المصري او التنظيم الدولي إضافة الى بيادق الاخوان من التيارات المدنية.

السباعي لأنه عاصر مؤامرة الإسلام السياسي منذ سبعينات القرن العشرين ، ذكر في بيانه بمصير ما اسماه “المجاهدين العرب” الذي ارسلهم الغرب لمحاربة يوغوسلافيا في البوسنة ، حيث نص اتفاق دايتون الذى أنهى الحرب بين الصرب والبوسنة بعدم توطين ما سمى وقتذاك “كتائب المجاهدين العرب” وطردهم خارج البوسنة ويوغوسلافيا والبلقان ، وتخوف السباعي من مصير مماثل للعناصر غير السورية التي شاركت في الحرب السورية وان يتم التوصل لاتفاق ما يؤدى إلى طرد العناصر غير السورية من الفصائل السورية المسلحة ( الجماعات الإرهابية التي شاركت في الحرب السورية منذ عام 2011).

هاني السباعي من مواليد القليوبية عام 1961، بدأ ـ منذ كافة الإسلاميين حول العالم في تنظيم الإخوان ثم انخرط في الجناح السلفي للتنظيم ، تتلمذ على يد الكوادر الاسلامجية أمثال حافظ سلامة وعبد الحميد كشك ومحمد الغزالي وعمر التلمساني ومصطفي مشهور ، من دعاة جمع التبرعات وارسال المتطوعين لصفوف الجماعات الإسلامية في حرب أفغانستان ضد السوفييت بداية من العام 1979، سجن عام 1981 في قضية تنظيم الجهاد ولما خرج من السجن عمل محامياً عن الإسلاميين الإرهابيين أمام المحاكم المصرية إلى ان فر إلى بريطانيا عام 1994 وتجنس بالجنسية البريطانية ويقيم هناك حتى اليوم مقدماً الغطاء الإعلامي والتنظيري والقانوني لكافة الجماعات الإرهابية الإسلامية في العالم برعاية الحكومة والمخابرات البريطانية.

احمد حامد المنصور ، لن يكون اول او آخر مصري في الحرب السورية سوف يتم تكليفه بـ”الملف المصري”، اذ ان أرياف وسهول ومدن الشام عامرة بالشباب المصري الذى قام الإخوان والسلفيين بتسفيرهم من مصر وبعض الدول إلى سوريا ، وتحت راية البغدادي والجولاني اصبحوا مجرمين حرب من العيار الأول ، وبعد التمكين في سوريا سوف يعمل الغرب على استخدامهم ضد مصر.

الهدف ليس 25 يناير 2025 .. ولكن يناير 2025 هو بداية موجة جديدة ، ليس شرطاً ان يحدث شيء في يناير 2025 بمصر ولكنه حدث بالفعل في الشام ، تهديد إرهابي مصاحب بدعوات للتظاهر ، وتحولت سوريا إلى مقر للعناصر الإرهابية التي هربت من مصر بعد ثورة 30 يونيو 2013 ، والتي لم تعد الدول الراعية لهم ، مثل قطر وتركيا وايران، قادرة على احتضانهم على ارضها، لذا تم توفير إقامة ومقرات تقنية حديثة مجهزة بما يلزم لقيادة موجة جديدة وجيل جديد من اللجان الإلكترونية وصفحات التحريض والشائعات والفتنة والتأليب والتسخين او ما اسميه اختصاراً .. “صناعة الغليان”.

وقت ما سوريا ضاعت في 8 ديسمبر 2024 لما مؤسس وقائد تنظيم القاعدة في بلاد الشام دخل دمشق وتسلم الحكم بمباركة دولية بدون أي سند او شرعية او تكليف، ملايين المصريين اهتموا بالشأن السوري ، وقتها خرج علينا اللى يقول المصريين مهتمين بـ سوريا ليه .. واحنا استبقنا السلوك السوري بالاهتمام والعدوانية والسخرية ، ووضعنا نفسنا في خانة مؤيدي الرعديد الهارب بشار الأسد ، وان السوريين لما يشوفوا السوشيال ميديا المصرية سوف ينقلبون علينا ، وان سلوكيات المصريين الوطنيين خاصة الدولجية والكمايتية بقت زي سلوكيات الإخوان بالضبط.

الواقع المصريين اهتموا بالشأن السوري بشكل مكثف منذ 8 ديسمبر 2024 عشان فاهمين كويس ، سواء بوعي شخصي او تحرك الوعي الجمعي في نفوسهم ، ان اى قوة عبر التاريخ سيطرت على الشام ، دائما ما تسعي للسيطرة على مصر ، وان كل المخاطر الخارجية التي تعرضت لها مصر أتت من الشام باستثناءات نادرة ، وان الجيش المصري بدوره حارب اغلب حروبه في إقليم الشام او ما يعرف بـ”سوريا الكبرى” دفاعاً عن مصر.

الهكسوس والحيثيين ثم الإغارة على مصر من قبل الفرس والسلوقيون والعرب والصليبين والمغول والعثمانيين والصهاينة وغيرهم أتت من بلاد الشام ، حتى حافظ الأسد طمع يوماً في مصر! .. سواء كان الشام موطن هؤلاء او حلقة ما بين موطنهم الأصلي ومحاولة الإغارة على مصر.

لماذا يهتم المصريين بما يحدث في سوريا ؟ 

هذا سؤال ضد التاريخ .. لأن الشام سواء سوريا او لبنان او فلسطين او الأردن او حتى جنوب الأناضول هو شأن مصري بحت عبر التاريخ.

لقد ابدى المصريين ـ أخيراً ـ وعي استباقي ، يجعلنا نفهم ان كل من ساهم في رفع مستوي بصيرة المصريين منذ سنوات لم يهدر أيامه وعمره وسنواته دون طائل.

فلم يكن إهتمام المصريين بالملف السوري تطفل او سطحية او فراغ او تدخل فيما لا يعنيهم ، بل وعي جمعي ابن حضارة 12 ألف سنة في جينات أول أمة أخرجت للناس ، اما عن مشاعر السوريين وهم يتابعون المصريين فلا مشكلة فإن نشطاء الإخوان وظهيرهم المدني نصبوا كرنفال الاحتفال بـ”محرر سوريا” على مدار الساعة وقاموا بالواجب في تدليل مشاعر واحاسيس عشاق أبو محمد الجولاني.

والأهم .. ان سلطة الأمر الواقع في دمشق منذ لحظتها الأولى أرسلت رسائل عدائية بحق القاهرة لا يمكن ان يغفلها إلا عشاق دفن الرؤوس في الرمال ، حكومة ادلب التي نزلت إلى دمشق أرسلت رسائل إيجابية لكل دول المنطقة والعالم باستثناء مصر! حتى روسيا وإيران الخصم الرئيسي لـ “هيئة تحرير الشام” وحلفائها كان الحديث معهم حديث دولة بأدوات دبلوماسية ، ناهيك عن خجل وحياء حكومة دمشق وغض البصر عن الاجتياح الإسرائيلي في الجنوب والاحتلال الأمريكي في الشرق والاحتلال التركي في الشمال.

بدلاً من كل هذا استقبل الجولاني كتيبة من المؤثرين المصريين الاخوان ، وكوادر إخوانية بعضهم يرأس حركات وأحزاب غير معترف بها في مصر ، ثم نجد من يسألنا لماذا تبالغون في الإهتمام بالملف السوري وترسلون للسوريين رسائل خاطئة وكأنما الجولاني كان يرسل في تلك اللقاءات خالص قبلاته واشواقه للمصريين حكومة وشعب.

اللى الموجة أعلى منه او بتتعب أعصابه يركن ع جنب ، إحنا لا بتوع صكوك ثورية ولا وطنية ، واللى لسا سليم .. حرس سلاح يا مصريين .. العدو على الأبواب .. العدو دائماً على الأبواب .. والمؤامرة مستمرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!