✍️ يوحنا عزمي
يقولون عن الرئيس الأمريكي ترامب ان شفرته السياسية معقدة إلي درجة يصعب معها التنبؤ بتصرفاته وردود افعاله ، ومع ذلك دعونا نحاول.
مبعوثة الخاص إلي الشرق الأوسط السفير ويتكوف بالرياض يطلب من ولي العهد السعودي بناء علي توجيه الرئيس ترامب له ، بأن تقوم السعودية بالدور الذي يتوقعه منها لتثبيت إتفاق وقف إطلاق النار في غزة في مراحله المتقدمة المقبلة ..
والسؤال هنا : لماذا السعودية وليس مصر وقطر وهما من قامتا بالدور الأكبر والأهم في كافة مراحل التفاوض التي سبقت التوصل إلي هذا الاتفاق ؟.
وما الذي تملكه السعودية اكثر من مصر وقطر حتي يتحول مؤشر إهتمام ترامب إلي الرياض بدلا منه إلي القاهرة والدوحة علي غرار ما كان عليه الحال مع الرئيس بايدن ؟
اي ما هو السر وراء هذا التحول الجديد في المواقف والاهتمامات من مصر وقطر إلي السعودية ؟
من ناحية اخري ، سوف يحل نتنياهو ضيفا رسميا علي الرئيس ترامب في البيت الأبيض بعد أيام ، وهناك الكثير مما سوف يناقشانه معا وعلي راسه مستقبل غزة ومشاريع التهجير والتوطين الدائم او المؤقت ، الخ.
ومن المتوقع ان تتفق مواقفهما تجاه ما يتصورانه وضع غزة في اليوم التالي لانتهاء الحرب ، وربما يخرجان ببيان مشترك في نهاية لقائهما حول هذا الموضوع .. واعتقد ان هذا الذي سوف يتباحثان فيه خاصا بغزة وبمشروع ترامب للسلام في الشرق الأوسط ، هو ما تجري استشارة السعودية فيه للتعرف علي موقفها منه ورويتها له ، وهو ما يقوم به حاليا مبعوثه الخاص ويتكوف مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الرياض ..اي ان هناك الكثير مما تجري مناقشته بينهم داخل الغرف المغلقة ويحرصون علي احاطته بالتكتم في هذه المرحلة من الاتصالات والمشاورات والرحلات المكوكية المتلاحقة بين هذه العواصم الثلاث.
الأمر الآخر هو ان اول زيارة سيقوم بها الرئيس ترامب خارج الولايات المتحدة الأمريكية سوف تكون إلي السعودية ومنها مباشرة سوف يطير إلي إسرائيل وليرجع بعدها إلي واشنطن ، اي أنه لن يتوقف في اي عاصمة اخري في الشرق الأوسط وذلك وفق البيان الرسمي الصادر عن البيت الأبيض وهو أمر لا يخلو من دلالات هامة ومثيرة للتساؤل ، ليس اقلها ان ترامب يقوم بدور الرابط المشترك بين الرياض وتل أبيب تحت رعايته الشخصية المباشرة ، وهو الأمر الذي لا يمكن ان يحظي بهذه الدرجة العالية من اهتمام الرئيس الأمريكي ولم يمضي عليه في البيت الأبيض سوي بضعة ايام فقط لا تكفي حتي لترتيب أوراقه ، ولديه من مشكلات العالم الاخري الكثير مما يسبق غزة وإسرائيل والسعودية في أهميته ، إلا اذا كان هناك ما يجري الترتيب له بين هذه الأطراف الثلاثة ولم يعد يحتمل التأجيل او الارجاء وان إخراجه إلي حيز الواقع دخل مراحله الاخير ة، وان الإعلان عنه رسميا اصبح مسألة وقت لا اكثر.
لا يعنيني في هذا كله ما تخطط له امريكا مع إسرائيل ، فهذا كله امره معروف وليس خافيا علينا ، لكن ما يشغل اهتمامي اكثر هو دور السعودية وولي عهدها في كل هذا الذي يجري طول الوقت بين هذه الأطراف الثلاثة ، والذي يتم معظمه في الخفاء .. ثم لماذا كل هذا التركيز الزائد من قبل ترامب علي الدور السعودي وحده وهو الذي يتحدث باستمرار عن مشروعه للسلام في الشرق الأوسط ، وكأن المنطقة العربية كلها تأتي بعد السعودية في تقديره ، وان ما تقبل به السعودية سوف تقبل به باقي دول المنطقة ؟ بمعني آخر ما هي حكاية ترامب مع السعودية بالضبط وكيف نفهم هذه العلاقة بينهما في إطارها الصحيح حتي نعرف علي اي أساس يقيم ترامب حساباته وتوقعاته ؟