فن

“محمد رمضان في كوتشيلا: جرأة على حساب الثقافة المصرية”

 

بقلم: لمياء أبو النجا 

 

في سابقة فنية هي الأولى من نوعها، وقف الفنان المصري محمد رمضان على أحد مسارح مهرجان كوتشيلا العالمي، كأول فنان مصري يشارك في هذا الحدث الأضخم في العالم لموسيقى البوب والثقافات المعاصرة، وعلى الرغم من انها تجربة فنية فريدة لان المهرجان يُعتبر واحدًا من أكبر المهرجانات الموسيقية في العالم. إلا أن مشاركته في هذا الحدث أثارت موجة من الجدل على منصات التواصل الاجتماعي بسبب اختياراته لملابسه، ما جعل الحدث يتخطى الجانب الفني ليصبح حديث الساعة.

فكانت إطلالته مصدرًا للجدل الكبير، بل وأثارت تساؤلات عديدة حول ما إذا كان اختياره للملابس في هذا الحدث العالمي كان موفّقًا أم لا. في رأيي، اختار رمضان ملابس غير موفقة، خصوصًا أن الفنان في المحافل الدولية لا يمثل نفسه فقط، بل يحمل معه اسم بلده، ويكون له دور في تشكيل الصورة الثقافية التي يتم تصديرها إلى الجمهور العالمي، مما جعل الحدث بدلا من يكون إنجازًا فنيًا عربيًا في قلب كاليفورنيا، تحوّل إلى مادة دسمة للجدل، ليس بسبب الأداء أو التنظيم، بل بسبب الزيّ.

رمضان اعتلى المسرح مرتديًا إطلالة صُممت خصيصًا على يد المصممة المصرية فريدة تمراز، مستوحاة من أزياء الرقص الشرقي، غنية بالتفاصيل المعدنية والسلاسل الذهبية، فيظهر بوضوح أن الاختيار كان غريبًا ومبهرجًا إلى حد الصدمة للجمهور العربي، إذ كانت الملابس التي ارتداها بعيدة عن التوقعات المعتادة في مثل هذه الفعاليات، كان من المفترض أن يُظهر رمضان في هذه المناسبة العالمية جزءًا من ثقافته، تاريخ بلده، أو حتى ملامح من الهوية المصرية بطريقة متوازنة ، فمن المعروف أن الفنانين في المحافل الدولية يميلون إلى اختيار ملابس تعكس ذوقهم الشخصي، لكن في الوقت ذاته، يجب أن تراعي هذه الملابس السياق الثقافي والاجتماعي الذي يظهر فيه الفنان. 

الإطلالة لم تمر مرور الكرام، بل أشعلت موجة من الانتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي، تتراوح بين الاستنكار والسخرية، ووصلت حد التهديد بالملاحقة القانونية بتهمة “الإساءة لسمعة الفنان المصري في محفل عالمي.

رمضان، كما هو معتاد، رد سريعًا من خلال منشور على حسابه في “فيسبوك” أكد فيه أن الزي يحمل رسالة فنية، لكنه سرعان ما حذف المنشور، ما جعل العديد من المتابعين يتساءلون عن سر هذا التراجع.

لا يمكن تجاهل أن مشاركة محمد رمضان في كوتشيلا تُعد إنجازًا في حد ذاتها، خاصة في مهرجان لا يضم سوى الصف الأول من نجوم العالم. لكن تبقى الإطلالة، وما حملته من رمزية، عنوانًا أكبر من الحدث نفسه

لا شك أن هذا الحدث سيكون نقطة تحول في مسيرة رمضان، لكنه أيضًا يطرح سؤالًا عن حدود الحرية الفنية ومدى تأثيرها على صورة الفنان في العالم العربي.

في النهاية، ربما كان محمد رمضان سيحقق تأثيرًا أكبر لو اختار ملابس تعكس شخصيته دون الوقوع في فخ الصراع الثقافي الذي رافق اختياره. في عصر تداخلت فيه الفنون مع السياسة والهوية، تظل مسؤولية الفنان في تقديم نفسه بطريقة تعكس الاحترام والتوازن مع السياق العالمي أمرًا بالغ الأهمية. هذا هو الدرس الذي يجب أن نتعلمه جميعًا: “أن الفن يجب أن يظل وسيلة للتواصل بين الثقافات، لا مصدرًا للاختلاف.”

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!