مقالات

أول ضوء نووي منذ هيروشيما .. ترامب يدرس قصف إيران بقنبلة B61

✍️ يوحنا عزمي 

ثلاثة سيناريوهات أمام ترامب .. وفوردو قد تصبح هيروشيما جديدة.

بينما تتصاعد ألسنة اللهب في مدن الجنوب الإسرائيلي بعد ضربة إيرانية غير مسبوقة ، تجد واشنطن نفسها أمام خيار لم يكن مطروحاً منذ أكثر من 80 عاماً : استخدام السلاح النووي ضد منشأة فوردو الإيرانية.

المشهد تغير جذرياً فجر الجمعة ، عندما نجح صاروخ إيراني بعيد المدى في ضرب مجمع “الهايتك بارك” الصناعي الحيوي في بئر السبع، دون أن تعترضه أي من منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية سواء القبة الحديدية أو “حيتس”. للمرة الأولى ، بدا أن إسرائيل تفقد تفوقها المطلق في مجال الدفاع الصاروخي ، وهو ما كشفته الصور القادمة من موقع الانفجار : حرائق ، أبنية مدمرة ، سيارات تحترق ، وغياب كامل للقدرة على الردع أو الاستشعار.

في اللحظة نفسها تقريباً ، كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعقد اجتماعاً استثنائياً في البيت الأبيض مع كبار قادة البنتاغون حيث طُرح على الطاولة أخطر خيار استراتيجي منذ الحرب العالمية الثانية : قنبلة نووية تكتيكية من طراز B61-11، القادرة على اختراق التحصينات الجبلية العميقة لمفاعل فوردو النووي الإيراني.

لماذا أصبح النووي خياراً واقعياً

مشكلة فوردو ليست جديدة على الاستراتيجيات العسكرية الأمريكية. المنشأة تقع على عمق يزيد عن 80 متراً تحت جبل صخري ، وتحاط بتحصينات تجعل من الصعب – وربما المستحيل – تدميرها بواسطة السلاح التقليدي. حتى “أم القنابل” الأمريكية GBU-57 ، وهي أقوى قنبلة غير نووية في الترسانة الأمريكية ، قد لا تصل إلى قلب المنشأة.

في هذا السياق ، جاء الاقتراح باستخدام السلاح النووي التكتيكي B61-11، وهو سلاح مصمم خصيصاً لمثل هذه المهام، حيث ينفجر تحت الأرض ليحدث موجات زلزالية كافية لتدمير الهدف من الداخل. ترامب لم يعطِ موافقته العلنية ، لكنه أيضاً لم يرفض، مكتفياً بالعبارة التي اعتاد ترديدها في مثل هذه المواقف :

“أريد جميع السيناريوهات .. لا شيء خارج الطاولة.”

ثلاث خيارات … كلها مُكلفة

أمام واشنطن وتل أبيب ثلاث خيارات رئيسية ، لكل منها عواقبه الخطيرة :

أولاً : الخيار النووي التكتيكي

استخدام قنبلة B61-11 بعد تمهيد بضربات تقليدية لاختراق الطبقات الأولى من التحصينات. هذه القنبلة قد تضمن تدمير فوردو بنسبة تصل إلى 99%. لكنها في المقابل ستكسر “التابو النووي” الذي ظل قائمًا منذ 1945، مما سيفجر أزمة سياسية عالمية لا تقل خطرًا عن العواقب البيئية والعسكرية.

ثانياً : ضرب البنية التحتية للطاقة

خيار أكثر تحفظاً ، يقوم على ضرب محطات الكهرباء المغذية لمنشأة فوردو بصواريخ دقيقة مثل JASSM أو JDAM، بهدف تعطيل أجهزة الطرد المركزي. ورغم أنه يُجنب أمريكا عبور الخط الأحمر النووي ، إلا أنه لن يوقف البرنامج النووي الإيراني نهائياً بل سيؤجل تقدمه بضعة أشهر فقط.

ثالثاً : عملية كوماندوز خاصة

خيار جريء ، يقضي بإرسال وحدة “شالداغ” الإسرائيلية لتنفيذ عملية تسلل معقدة لزرع متفجرات حرارية في قلب المنشأة. هذه العملية قد تنجح في تحقيق الضربة المطلوبة دون اللجوء للسلاح النووي، لكنها محفوفة بمخاطر هائلة، أبرزها احتمال الفشل الذريع أو وقوع خسائر بشرية فادحة قد تصل إلى 40%.

إسرائيل تنهار دفاعياً … وأمريكا في مأزق استراتيجي

في الخلفية ، المشهد العسكري الإسرائيلي لا يقل سوداوية. الدفاعات الجوية التي طالما اعتبرتها تل أبيب مصدر أمانها الأول فشلت أمام الصواريخ الإيرانية ، خاصة تلك المزودة برؤوس عنقودية. هذه الصواريخ لا تستهدف هدفًا محددًا فحسب ، بل تنفجر في الجو مطلقة عشرات الذخائر الصغيرة التي تغطي مساحة واسعة ، مع قدرة على التحول إلى “ألغام مؤجلة” تهدد المدنيين بعد انتهاء المعركة.

والأخطر أن هذا السلاح محظور دولياً … لكن لا إيران ولا إسرائيل موقعتان على اتفاقية حظره ، ما يعني أن قواعد الاشتباك سقطت تماماً وأصبحت الحرب بلا ضوابط.

إلى أين يتجه العالم؟

بغض النظر عن القرار الذي ستتخذه واشنطن خلال الساعات أو الأيام المقبلة ، فإن العالم قد دخل بالفعل مرحلة جديدة وخطيرة من الصراع ، يمكن تسميتها: “إعادة هندسة الردع النووي”.

إذا قررت أمريكا كسر الخط الأحمر واستخدام السلاح النووي – ولو تكتيكياً – فستكون هذه هي الضربة النووية الأولى منذ هيروشيما وناغازاكي. أما إذا تراجعت، فستكون قد منحت إيران فرصة ذهبية لاستكمال مشروعها النووي ، مع ما يحمله ذلك من تهديد وجودي لإسرائيل وتغيير لقواعد اللعبة الإقليمية لعقود قادمة.

الشرق الأوسط يترنح على حافة انفجار غير مسبوق.

ترامب أمام قرار قد يغير التاريخ .. والمفاجآت لم تنته بعد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!