✍️ بقلم/ انتصار عمار
ربما يمتلك الكثير منا نفس العيون، لونها، ورسمها، ولحظها، حتى تعبيراتها، لكن لا نمتلك جميعًا نفس النظرة.
فقد ترى البحر، أمواجًا متدفقة، ترسم في عرض البحر نشاطًا، وحيوية، تتراقص ولون السماء، وكأنها تحيا سعادة أبدية.
فتراها تقدم إيقاعًا موسيقيًا كل يوم، وكأنها في حفلٍ ساهر، لتُسعد الجمهور، وأراها أمواجًا تنكسر على الصخر، حينما تحاول الفرار من مصير حتمي.
فلربما فرضت عليها الطبيعة، الحياة وسط برودة طباع البحر، فقد تكون ملت حياتها معه، وتثور دومًا للخلاص منه.
وربما ترى في الليل سواده، وظلمته، وأراه سحرًا خلابًا، يطويك داخله، يسافر بك عبر
ستاره المنسدل، و حكايات سمره، وأقصوصاته التي لا تنضب.
ولربما تبصر عينيك المطر، قطرات ماء تسقط على الأرض، وأراها زخات حياةٍ، تعزف لحن الخلود على نوافذ الزمن.
وتطبع على خد الأرض قبلة الحياة، وربما ترى الماء عنصرًا هامًا لحياتنا،
وأرى أننا نحتاج لسقيا الخيال، فنحن عطشى له، وجوعى لثماره، المزروعة على ضفاف سواحل تلك البيداء.
وقد ترى يا عزيزي الغروب لحظة توقيع الشمس عقد انتهاء اليوم، وأراها شعاع أمل يسافر عبر لحظ الغد، ويحمل بشريات صباح آت.
وترى السفر رحلة ممتعة، عبر راحلات الزمن، مكافأة القدر لك، وأراها حقائب وجع، في يد الشتاء، ومعطف حنين، يلتف حول رقبة الهجران.
وترى الطائر يطير أينما كان، بحثًا عن الرزق، عن الطعام، وأبصره يبحث عن مآواه، عن هواه، حبيبه الذي باعده القدر، وواره.
أو تراني حين أمسك مرآتي، وأضع المساحيق على وجهي، أتزين لك! كلا
بل، أضعها لتخفي آثار الجراح التي خطتها يد الأقدار.
ولربما ترى في الصمت راحة، وهدوء، وأبصره زوبعة عصيان، صرخات أنفاس.
وترى في الربيع جمال ألوان زهره، واعتدال جوه، وأراه ثورة رياح خماسين، أتت عبر خارطة الأزمان، تحيك ثوب شوق، يأمل
في اللقاء.
وترى في الشجر جذع، ولحاء، وأوراق، وأراه وطن الطيور، وملاذ الطير العاشق الولهان، وحكايات يرويها لحبيبه كل نهار.
وترى في النار جمرة مشتعلة، تُلهب الجسد، وأراها جنون الطبيعة، حينما تستشعر برودة الزمان، رقصات نارية يكتبها الوجود، لتخلد أياد الدفء على صفحة طبيعة هوجاء.




